ألا قل لعبدة إن جئتها

أَلا قُل لِعَبدَةَ إِن جِئتَها

وَقَد يُبلِغُ الأَقرَبُ الباعِدا

أَجَدَّكِ لا أَنتِ تَشفينَني

وَلا الصَيدُ مُتَّبِعٌ صائِدا

كَأَنَّكِ لَم تَعلَمي أَنَّني

مَلَلتُ الوِسادَةَ وَالعائِدا

لِطارِفِ حُبٍّ أَصابَ الفُؤاد

وَقَد يَمنَعُ الطارِفُ التالِدا

إِذا نَقَضَ النَأيُ حُبَّ اِمرِئٍ

وَجَدتُ تَباريحَهُ زائِدا

فَأَصبَحَ في بَعضِ أَيّامِهِ

طَؤوعاً وَفي بَعضِها فاسِدا

بِلا سَقَمٍ داخِلٍ شَفَّني

سِوى الحُبِّ إِنَّ لَهُ جاهِدا

كَذاكَ المُحِبُّ تَعَيَّرتِهِ

فَأَنتِ تَرَي شَخصَهُ واحِدا

يَجورُ إِذا هِيَ جارَت بِهِ

وَيُصبِحُ إِن قَصَدَت قاصِدا

أَحاديثُ يَعجَبُ مِنها الفَتى

خَلا أَن يَكونَ لَها رائِدا

وَأَعجَبُ مِنها وَإِن أَصبَحَت

أَعاجيبَ تَستَنتِجُ الهاجِدا

تَجَنّيكِ زَيناً عَلى عاشِقٍ

وَلَم يَأتِ ما ساءَكُم عامِدا

أَعَبّادَ أَغفَلتِ وَجدي بِكُم

فَلَيتَكِ لَم تُغفِلي الواجِدا

أَسِيّانَ مَن لَم يَنَم لَيلَةً

لَدَيكِ وَمَن باتَها راقِدا

إِذا أَنتِ لَم تَرفِدي عاشِقاً

فَمَن ذا يَكونُ لَهُ رافِدا

قَطَعتِ اللَيالِيَ في هَجرِهِ

رُقاداً وَمَن باتَها ساهِدا

يَراني الَّذي لَم يُحِط عِلمُهُ

رِدائي فَيَحسَبُني عابِدا

بِما أَقصَرَ الطَرفُ عَن مَنظَرٍ

يَكونُ إِلى شَخصِكُم نائِدا

وَذَلِكَ مِن حُبِّكُم هَيبَةٌ

كَما يُكرِمُ الوَلَدُ الوالِدا

فَإِن شِئتِ أَحرَمتُ وَصلَ النِساء

وَإِن شِئتِ لَم أَطعَمِ البارِدا

وَشَربٍ بَهاليلَ في لَيلَةٍ

مِنَ الشَهرِ حَلّوا بِها صاعِدا

رِزانٍ إِذا رَعَدَت مُزنَةٌ

عَلَيهِم فَإِن يَسمَعوا الراعِدا

تَخالُ جَنا الوَردِ وَالرازِقي

يِ بَينَهُمُ رَوضَةً فارِدا

دَعاني إِلَيهِم أَبو عامِرٍ

وَكُنتُ إِلى مِثلِهِم وارِدا

لَهُم زَجَلٌ بَعدَ نَومِ العُيون

وَصَفراءُ تَستَألِفُ الفَاقِدا

إِذا ما ثَنَت جيدَها نَظرَةٌ

حَسِبتَ الغَزالَ بِها عاقِدا

فَلَمّا رَأَيتُ مَدينِيَّةً

يَظَلُّ الحَليمُ بِها مائِدا

وَقامَ السُقاةُ بِسَلسالَةٍ

فَحَيّا بِهِ ماجِداً ماجِدا

وَكَرشاءُ مُلتَئِمٌ في الحَرير

كَأَنَّ بِلَبّاتِها جاسِدا

رَكوبٌ إِذا الكَأسُ كَرَّت لَهُ

أَكَبَّ فَخَرَّ لَها ساجِدا

ذَكَرتُ الجِنانَ فَلَم أَنسَكُم

فَهَيَّجتِ لي طَرَباً قائِدا

يَقولُ أَبو ثَقِفٍ إِذ رَأى

مِنَ المَينِ إِنسانَها بائِدا

أَفي القَلبِ حُبُّ الَّتي لَم تَزَل

تُناجي الهُمومَ بِها قاعِدا

فَقُلتُ أَلَم يَكفِ فَيضُ الدُموعِ

سُؤالاً وَأَن لا يُرى جامِدا

فَلا تَسأَلِ القَلبَ عَن حُبِّها

كَفى بِالدُموعِ لَها شاهِدا

وَكَم كائِدٍ لِيَ مِن أَجلِكُم

وَما كانَ لي قَبلَكُم كائِدا

هَمَمتُ بِهِ عِندَ عَوراتِهِ

مُشَهَّرَةً تُرمِضُ الحاقِدا

فَوَهَّنَني عَنهُ حُبِّيكُمُ

وَفي الحُبِّ ما يوهِنُ الجالِدا

سَأَلتُ عُبَيدَةَ إِذ لَم تَجُد

مُحِبّاً لِيَومي هَوىً جامِدا

الاِثنَينِ هَل فيهِما رَحمَةٌ

لِذي شَجَنٍ يَنظُرُ الواعِدا

فَقالَت لَنا مِنهُمُ راشِدٌ

وَلَستُ أَرى مِنهُمُ راشِدا

أَيا لَيتَ شِعري عَلى هَجرِها

أَتَعتَلُّ أَنَّ لَها ذائِدا

فَقَد يُنجِزُ الوَعدَ في خُفيَةٍ

مُحِبٌّ إِذا خَشِيَ الراصِدا

إِذا قُلتُ وافَقتُها خالَفَت

كَما خالَفَ الصادِرُ الوارِدا

فَإِن تَكُ عَبدَةُ قَد أَقصَرَت

فَأَصبَحَ ثَوبُ الصِبا هامِدا

فَذاكَ بِما يَصطَفي وِدُّها

وَتَزعُمُ ذا الغَيرَةِ الحاسِدا

وَذَلِكَ دَهرٌ مَضى صَفوُهُ

وَعَيشُ اِمرِئٍ لَم يَكُن خالِدا