أهجرت عبدة أم عداك مسير

أًهَجَرتَ عَبدَةَ أَم عَداكَ مَسيرُ

لا بَل تُلِمُّ بِأَهلِها وَتَدورُ

زَعَمَ المُشيرُ بِيَ الصَغيرُ مِنَ الهَوى

وَفِراقُهُ حَدَثٌ عَليَّ كَبيرُ

بِأَبي وَأُمّي وَالعَشيرَةِ كُلِّها

شَخصٌ هُناكَ ضَجيعُهُ مَحيورُ

شَخصٌ إِذا التَبَسَت بِعَيني عَينُهُ

حَلَفَ النَواسِكُ أَنَّني مَسحورُ

يا صاحِ بُح بِهَوى أَخيكَ وَبُثَّهُ

إِن كانَ مِنكَ عَلى الحَبيبِ مُرورُ

ما إِن وَراءَكُمُ عَليهِ مِنَ الهَوى

عُسرٌ وَما مِن دونِكُم تَيسيرُ

أَنّى ظَنَنتِ بِهِ الظُنونَ وَقَلبُهُ

يا عَبدَ في لُجَجِ الهَوى مَغمورُ

إِن قُلتِ أَقصِر عَنكَ أَقصَرَ قَلبُهُ

وَبَدا عَلَيهِ مِن العَزاءِ نَذيرُ

فَدَنا ليُلحِقَ عَينَهُ بِسُرورِها

وَدُنُوُّ مَن بَتَلَ الفُؤادَ سُرورُ

إِنَّ المُحِبَّ بِأَن يَلَذَّ حَبيبَهُ

وَيَمَلَّ مَن لا يَستَلِذُّ جَديرُ

حَتّى مَتى تُبقي لِنَفسِكِ حُبَّهُ

وَالمَرءُ يَصبِرُ إِنَّهُ لَصَبورُ

أَعُبَيدَ هَلّا تَنقَمينَ عَلى فَتىً

نَفِدَت رُقاهُ وَسُقمُهُ مَوتورُ

عَجِلٌ بِحُبِّكِ مَوتُهُ عَن يَومِهِ

إِن لَم يُجِرهُ مِن هَواكِ مُجيرُ

لا تَشتَرينَ مَنِيَّتي بِهَواكُمُ

فِإِلى المَماتِ بِما لَقيتُ أَصيرُ

هَمُّ يُوَكِّلُني بِحُبِّكِ وَالرَدى

عِلمي بِذَلِكَ أَنَّهُ مَقدورُ

ما زالَ بي سَنَنُ الصِبا وَبِحاجَتي

حَتّى أَتَيتُكِ وَالعُيونُ حُمورُ

فَالعَينُ حينَ أَرومُ هَجرَكِ طُرفَةٌ

وَعَلى فُؤادي مِن هَواكِ أَميرُ

قَلبٌ أُسَكِّنُهُ إِذا جَمَحَ الهَوى

فَيَطيرُ نَحوَكِ أَو يَكادُ يَطيرُ

إِنّي وَإِن قَصُرَت خُطايَ لَنازِحٌ

مِن هَجرِ بَيتِكِ غَيرُهُ المَهجورُ

إِلّا تَثاقُلَ عاشِقٍ أَو قُربَهُ

بِالحُبِّ لَيسَ لَهُ عَليكِ نُذورُ

ذَهَبَ الفُؤادُ إِلى عُبَيدَةَ بَعدَما

أَثِرَت مَعالِمَهُ وَقَلَّ خَبيرُ

وَلَقَد أُبَصِّره عَليَّ وَقَد يَرى

نُصحي فَيَعرِفُ قَصدَهُ وَيجور

وَكَفاكَ مِن عَجَبٍ تَجَنُّبُ رُشدِهِ

وَطِلابُ ما تَهوَى وَأَنتَ بَصيرُ

قالَت عُبَيدَةُ إِذ سَأَلتُ قَليلَها

وَرَغِبتُ إِنَّ كَبيرَها مَحظورُ

أَلاعَلِمتَ وَأَنتَ غَيرُ مُفَنَّدٍ

أَنَّ القَليلَ إِلى القَليلِ كَثيرُ

فَضَحِكتُ مِن عَجَبٍ وَقُلتُ لِصاحِبي

كَفِّن أَخاكَ فَإِنَّهُ مَقبورُ