حسبي بما قد لقيت يا عمر

حَسبي بِما قَد لَقيتُ يا عُمَرُ

لَم يَأتِني عَن حَبيبَتي خَبَرُ

شَهرٌ وَشَهرانِ مَرَّ قَبلَهُما

شَهرانِ مُرّانِ مِنهُما صَفَرُ

يا لَيتَ شِعري ماتَت فَأَندُبُها

أَم أَحدَثَت صاحِباً فَأَنتَحِرُ

لا عَهدَ لي بالرَسولِ يُخبِرُني

عَنها فَنَفسي مِن ذاكَ تَستَعرُ

بَكَيتُ مِن حُبِّ مَن يُباعِدُني

شوقاً وَما بي ضَنىً وَلا كِبَرُ

هَل مِن سَبيلٍ إِلى زِيارَتِها

أَم هَل لِما بي مِن حُبِّها غِيَرُ

ضاقَت عَلَيَّ البِلادُ إِذ هَجَرَت

فَالعيشُ مُرٌّ وَمَشرَبي كَدِرُ

أَكادُ مِن زَفرَةٍ تُباكِرُني

أَطيرُ في الطَيرِ حينَ تَبتَكِرُ

فَقُلتُ وَالنَفسُ في صَبابَتِها

تَهفو وَقَلبي لَهفانُ لا يَقِرُ

إِن يَرجِعِ اللَهُ لي مَوَدَّتَها

فَكُلُّ شَيءٍ سِواهُ مُحتَقَرُ

يا طولَ شَوقي إِلى عُبَيدَةَ قَد

أَنزَفتُ دَمعي وَشَفَّني السَهَرُ

أَبكي عَلى وَصلِها وَأَذكُرُهُ

وَما يَرُدُّ البُكاءُ وَالذِكَرُ

وَاللَهِ مالي عِلمٌ بِما صَنَعَت

وَلا أَتاني مِن أَهلِها بَشَرُ

كَأَنَّما سُوِّيَ الحَزينُ بِهِم

لَم يَبقَ مِنهُم عَينٌ وَلا أَثَرُ

يا صاحِ قَد أَمسَكَت رِسالَتَها

فَاِجمَع حَنوطي حَتّام تَنتَظِرُ

لا أَستَطيعُ الهَوى وَهِجرَتَها

قَلبي ضَعيفٌ وَقَلبُها حَجَرُ

كَأَنَّ وَجدي بِها وَقَد حَجَبت

في الرَأسِ وَالعَينِ وَالحَشا سَكَرُ