غمض الحديد بصاحبيك فغمضا

غَمَضَ الحَديدُ بِصاحِبَيكَ فَغَمَّضا

وَبَقيتَ تَطلُبُ في الحِبالَةِ مَنهَضا

وَكَأَنَّ قَلبي عِندَ كُلِّ مُصيبَةٍ

عَظمٌ تَكَرَّرَ صَدعُهُ فَتَهَيَّضا

وَأَخٌ سَلَوتُ لَهُ فَأَذكَرَهُ أَخٌ

فَمَضى وَتُذكِرُكَ الحَوادِثُ ما مَضى

فَاِشرَب عَلى تَلَفِ الأَحِبَّةِ إِنَّنا

جُزُرُ المَنِيَّةِ طاعِنينَ وَخُفَّضا

وَلَقَد جَرَيتُ مَعَ الصِبا طَلقَ الصَبا

ثُمَّ اِرعَوَيتُ فَلَم أَجِد لي مَركَضا

وَعَلِمتُ ما عَلِمَ اِمرؤٌ في دَهرِهِ

فَأَطَعتُ عُذّالي وَأَعطَيتُ الرِضا

وَصَحوتُ مِن سُكرٍ وَكُنتُ مُوَكَّلاً

أَرعى الحَمامَةَ وَالغُرابَ الأَبيَضا

ما كُلُّ بارِقَةٍ تَجودُ بِمائِها

وَلَرُبَّما صَدَقَ الرَبيعُ فَرَوَّضا

وَمُنيفَةٍ شَرَفاً جَعَلتُ لَها الهَوى

إِمّا مُكافَأَةً وَإِمّا مُقرَضا

حَتّى إِذا شَرِبَت بِماءِ مَوَدَّتي

وَشَرِبتُ بَردَ رُضابِها مُتَبَرِّضا

قالَت لِتِربيَها اِذهَبا فَتَحَسَّسا

ما بالُهُ تَرَكَ السَلامَ وَأَعرَضا

قَد ذُقتُ أُلفَتَهُ وَذُقتُ فِراقَهُ

فَوَجَدتُ ذا عَسَلاً وَذا جَمر الغَضا

يا لَيتَ شِعري فيمَ كانَ صُدودُهُ

أَأَسَأتُ أَم رَعَدَ السَحابُ وَأَومَضا

وَيلي عَلَيهِ وَوَيلَتي مِن بَينِهِ

ما كانَ إِلاّ كَالخِضابِ فَقَد نَضا

سُبحانَ مَن كَتَبَ الشَقاءَ لِذي الهَوى

كانَ الَّذي قَد كانَ حُكماً فَاِنقَضى