قاس الهموم تنل بها نجحا

قاسِ الهُمومَ تَنَل بِها نُجُحا

وَاللَيلَ إِنَّ وَراءَهُ صُبُحا

لا يُؤيِسَنَّكَ مِن مُخَدَّرَةٍ

قَولٌ تُغَلِّظُهُ وَإِن جَرَحا

عُسرُ النِساءِ إِلى مُياسَرَةٍ

وَالصَعبُ يُمكِنُ بَعدَ ما رَمَحا

بَل كَيفَ يَحمِلُ طولَ لَيلَتِهِ

قَلِقُ الوِسادِ يَبيتُ مُجتَنِحا

قالَ اِبنُ حاجَتِهِ الَّتي كُتِمَت

وَطَبيبُهُ لِلقَلبِ إِن قَرِحا

ما بالُ يَومِكَ لا تُسَرُّ بِهِ

لِتَروحَ ذاكَ اليَومَ أَو تَلِحا

فَأَجَبتُهُ بِمَقالَةٍ صَدَقَت

وَأَخوكَ تَصدُقُهُ وَإِن كَلَحا

إِنَّ الحَبيبَ طَوى زِيارَتَهُ

وَشَجيتُ بِالمَكتومِ إِن صَرَحا

أَرَقي لِشَخصٍ ما يُفارِقُني

وَيُحِبُّهُ قَلبي وَإِن نَزَحا

لَمّا تَبَيَّنَ أَنَّني كَلِفٌ

بِحَديثِهِ وَبِقُربِهِ صَفَحا

شَهِدَ اللِسانُ بِما أُجِنُّ لَهُ

وَالدَمعُ يَشهَدُ كُلَّما سَفَحا

أَشقى بِما لاقَيتُ مِن سَكَني

أَحبَبتُهُ وَأَثابَني نَزَحا

نَدَماً عَلَيهِ غَداةَ فارَقَني

هَلّا أُباعِدُهُ فَإِن مَلُحا

يا بُعدَ قَلبي مِن مَوَدَّتِهِ

أَمسى بِصالِحَةٍ وَما صَلَحا

قَد كانَ يَمنَحُني صَبابَتَهُ

وَأَثَبتُهُ وُدّي بِما مَنَحا

فَتَبَدَّلَت سُعدى بِشيمَتِها

شِيَماً لِتَكدَحَ غَيرَ ما كَدَحا

صَبَرَت سُعَيدَةُ لا تُساعِفُني

وَجَزِعتُ مِن مَسِّ الهَوى مَرَحا

تَعِسَ الفُؤادُ أَلا يُصابِرُها

حَتّى تَكونَ كَمازِحٍ مَزَحا

وَمُسَهِّرٍ في العَينِ تَحسَبُهُ

يُبدي نَصيحَتَهُ وَما نَصَحا

خَتَمَت عَلى قَلبي بِخاتَمِها

وَيَلومُني في حُبِّها قَبُحا

وَظَلِلتُ أَصدُقُهُ وَأَكذِبُهُ

حَتّى يُبايِعَني وَما رَبِحا

لا تَلحَني حُبّاً وَأَنتَ فَتى

فَمَشايِعي قَلبي وَإِن طَمَحا

وَهوَ المُعَلَّقُ عِندَ غانِيَةٍ

بَعدَ النَوالِ بِبارِقٍ لَمَحا

لَو زادَهُ رَبّي لِخُلَّتِهِ

حُبّاً كَعَينِ الذَرَّةِ اِفتَضَحا

أَخشى الرَدى حَزَناً إِذا شَحِطَت

وَأَخافَهُ بِدُنُوِّها فَرَحا

جَدَّ الهَوى فَجَدَدتُ أَطلُبُها

لِتُريحَ مِن عَيشِ الَّذي سَرَحا

لَم يَلقَ مِثلي في مُواظَبَةٍ

لِشِفائِها مِمَّن صَبا وَصَحا

نَهى فُؤادي عَن تَذَكُّرِها

وَيَزيدُني عِيّاً إِذا جَمَحا

لَيتَ المُنى رَدَّت لَنا زَمَناً

كَزَمانِنا ذاكَ الَّذي نَزَحا

إِذ مَدخَلي سَرَقٌ أَسارِقُهُ

لِلِقاءِ أَحوَرَ زَيَّنَ الوُشُحا

حَسَنُ الدَلالِ عَلى ثَنِيَّتِهِ

مِسكٌ يُحَيِّيني إِذا نَفَحا

بَرِحَت بِأَتلَعَ في قَلائِدِهِ

وَغَدَت تَهُزُّ رَوادِفاً رُجُحا

لَم أَنسَ مَجلِسَنا وَقَينَتَها

وَنُباحَ مِزهَرِها إِذا نَبَحا

بِيَدَي مُسَوَّرَةٍ تُزَيِّنُهُ

بِسَماعِها وَسَماعُها سُرَحا

حَتّى إِذا أَخَذَت بِرُمَّتِهِ

وَحَنَت عَلَيهِم لَجيَناً مَرِحا

اِرتَجَّ وَاِندَفَعَت تُعارِضُهُ

غَنّاءَ خالَطَ صَوتُها بُحَحا

في مَجلِسٍ رَقَدَت غَوائِلُهُ

وَصَلَت بِهِ الإِبريقَ وَالقَدَحا

تَرِدُ السَرائِرَ ثُمَّ تُصدِرُها

تَحتَ الظَلامِ وَلا تُري كَشَحا

حَتّى إِذا اِنكَشَفَت دُجُنَّتُهُ

وَتَنَبَّهَ العُصفورُ أَو صَدَحا

طَرَدَ الصَباحُ لِعاشِقٍ غَزِلٍ

يَهوى جُنوحَ اللَيلِ إِن جَنَحا

سَقياً لِتِلكَ عَلى تَثاقُلِها

وَلِطيبِ عارِضِها إِذا رَشَحا

بِتُّ النَجِيَّ عَلى نَمارِقِها

وَسُلِبتُها في الصُبحِ إِذ وَضَحا