لاح الهوى واستنار العدل والبصر

لاحَ الهَوى وَاِستَنارَ العَدلُ وَالبَصَرُ

فَاِزدادَتِ الشَمسُ ضَوءاً وَاِستَوى القَمَرُ

وَأَصبَحَ الناسُ قَد ساغَ الشَرابُ لَهُم

بَعدَ البَلاءِ وَبَعدَ الجَهدِ أَن شَكَروا

يا صاحِ لَو كُنتَ مِنّا في بَلِيَّتِنا

إِذ لا مَحالَةَ إِلّا أَنَّنا صُبُرُ

إِذ تَحسَبُ البَدرَ مَنقوصاً لِلَيلَتِهِ

وَلا تَرى الشَمسَ إِلّا دونَها غِيَرُ

أَيامَ سُلطانُنا مُرٌّ مَذاقَتُهُ

وَالمالُ مُستَبخَرٌ وَالعَيشُ مُعتَذِرُ

لَو طالَعَت مِن ثَلاثِ المِصرِ واحِدَةٌ

مُعَمَّرينَ عَلى السَرّاءِ ما عُمِروا

هُنَّ الثَلاثُ اللَواتي لَو نَفَحتَ بِها

أَبناءَ عادٍ عَلى عِلّاتِهِم دَمِروا

قامَت بِهِنَّ المَنايا في مَشارِبِها

فَالحَمضُ يَأخُذُنا وَالفَتلُ وَالبَعَرُ

حَتّى تَنَقَّذُ عَبدُاللَهِ عامِرَنا

كَما تَنَقَّذَنا مِن مِثلُها عُمَرُ

لَما حَمِدتَ أَميراً بَعدَهُ أَبَداً

وَلا ذَمَمتَ لَنا مَن كانَ يَأتَمِرُ

ضَمَّ العِراقَ وَقَد هَزَّت دَعائِمَهُ

صَمّاءُ عَمياءُ لا تُبقي وَلا تَذَرُ

فَقَوَّمَ اللَهُ أَضعانَ القُلوبِ بِهِ

وَأَدرَكَ الدينَ إِذ إِدراكُهُ عَسِرُ

شَهمُ اللِقاء حَليمٌ عِندَ قُدرَتِهِ

سِيّانَ مَعروفُهُ في الناسِ وَالمَطَرُ

لا يَحقَبُ القَطرَ إِلّا فاضَ نائِلُهُ

وَلا تَزَلزَلَ إِلّا خِلتَهُ يَقِرُ

يَثني مَخالِبَ لَيثٍ عَن مَجاهِلِهِم

يُشفى بِأَمثالِهِنَّ الصابُ وَالصَدَرُ

هُوَ الشِهابُ الَّذي يُكوى العَدُوُّ بِهِ

وَالمَشرَفِيُّ الَّذي تَعصى بِهِ مُضَرُ

ماضي العِداتِ إِذا وافَقتَ نَظرَتَهُ

أَدّى إِلَيكَ الَّذي يُعنى بِهِ النَظَرُ

لا يَرهَبُ المَوتَ إِنَّ النَفسَ باسِلَةٌ

وَالرَأيَ مُجتَمِعٌ وَالدينَ مُنتَشِرُ

إِنَّ الأَميرَ جَزاهُ اللَهُ صالِحَةً

في كُلِّ صالِحَةٍ أَمسى لَهُ أَثَرُ

شَقَّ المُغيثَ لَنا نُعطى غَوارِبُهُ

مِنَ البَطائِحِ فيها الغارُ وَالعُشَرُ

حَتّى اِنثَنى البَحرُ عَن دُفّاعِ جَريَتِهِ

مُستَبطِحِ الماءِ حَيثُ الدورُ يَنحَدِرُ

جَونَ السَراةِ كَأَنَّ الجِنَّ تَهمِزُهُ

إِذا بَغى البَحرَ مِن باغٍ فينهَمِرُ

تَخفى القَراقيرُ في دُفّاعِ لُجَّتِهِ

حيناً وَتَظهَرُ أَحياناً فَتَنتَشِرُ

يَنساخُ في بَطنِ جَيّاشٍ غَوارِبُهُ

تَحتَ السَماءِ سَماءٌ مَوجُها أَشِرُ

جافَ الحُداءَ إِذا ما لَجَّ أَتعَبَها

حَتّى تَزاوَرَ أَو فيهِ لَها وَزَرُ

كَأَنَّها الخَيلُ طارَت في مَواطِنِها

أَو رَعلَةٌ مِن بَناتِ الهيقِ تَنشَمِرُ

أَصابَنا حينَ عافَ السَرحُ مَشرَبَنا

وَإِذ ذَوى القُضبُ وَالرَيحانُ وَالخَضِرُ

فَاِهتَزَّتِ الأَرضُ إِذ طابَت مَشارِبُها

وَحَنَّتِ الوَحشُ وَالأَنعامُ وَالشَجَرُ

لا نَشرَبُ الماءَ إِلا قالَ شارِبُنا

نِعمَ الأَميرُ كَفاهُ السَمعُ وَالبَصَرُ

جادَت يَداهُ بِسُقيانا وَعيشَتِنا

فَالعَيشُ مُنبَسِطٌ وَالماءُ مُنفَجِرُ

أَروى مِن العَذبِ هاماتٍ مُصَرَّدَةً

قَد كانَ أَزرى بِهِنَّ المِلحُ وَالكَدَرُ