يا طول هذا الليل لم أرقد

يا طولَ هَذا اللَيلِ لَم أَرقُدِ

إِلّا رُقادَ الوَصِبِ الأَرمَدِ

مِثلَ اِكتِحالِ العَينِ نَومي بِهِ

بَل دونَ كُحلِ العَينِ بِالمِروَدِ

أُراقِبُ الصُبحَ كَأَنّي اِمرُؤٌ

مِن راحَةٍ فيهِ عَلى مَوعِدِ

بِتُّ إِلى أَن راعَني ضَوؤُهُ

وَخَلفَ سِنّي إِصبَعي مِن يَدي

تَعَجُّباً مِمّا دَهاني بِهِ

أَقرَبُ جيراني لِذي الأَبعَدِ

رَقّى إِلَيها كَذِباً لَم يَكُن

مِنّي عَلى مَمشىً وَلا مَقعَدِ

حَتّى أَدَلَّت بَل ثَنى لُبَّها

عَنّي مَقالُ الكاشِحِ المُفسِدِ

في الصَدرِ مِمّا بُلِّغَت حِبَّتي

مِثلُ شِهابِ القابِسِ الموقِدِ

إِن بَرَدَت عَن كَبِدي لَوعَةٌ

طالَت عَلى القَلبِ فَلَم تَبرُدِ

بَل أَيُّها الواشي بِها عِندَنا

لا زِلتَ لا تُعجِبُني فَاِزدَدِ

أَنتَ لَعَمرُ اللَهِ أَوجَدتَها

عَلَيَّ حَتّى كَدَّرَت مَورِدي

وَكُنتُ أَسباني بِها صاحِباً

يَعتَلُّ في الأَمرِ وَلَم يوجَدِ

لَم تَرَ مِثلي مُغرَماً بِالهَوى

وَمِثلَ عَبّادَةَ لَم تَقصِدِ

تَبرو لَدى هَجري وَأَدوى بِهِ

فَلَستُ بِالحَيِّ وَلا بِالرَدي

لَكِنَّني مِثلُ سَبيلِهِما

مِثلُ سَليمِ الحَيَّةِ الأَسوَدِ

شَتّانَ ذا مِنها وَإِرسالَها

أَدالِجٌ أَنتَ وَلَم تَعهَدِ

غَداةَ زُمَّت إِبلي غُدوَةً

وَالقَومُ مِن باكٍ وَمِن مُسعِدِ

فَقُلتُ إِن آبوا فَأَنتِ الهَوى

وَإِن أَرُح مِنكِ فَلا تَبعُدِ

يا عَبدَ لا تَنسَي فَلَم أَنسَهُ

مَمشايَ بَينَ المَسجِدِ المُبتَدي

يَومَ عُبَيدُ اللَهَ كَالمُعتَدي

عَلَيَّ في حُبِّكِ أَو مُعتَدي

يَقولُ إِذ أَبصَرَني مُقبِلاً

في القَومِ مُعتَمّاً وَلَم أَرتَدِ

لِفارِغٍ مِمّا بِهِ شِغلُهُ

لَم يَشجَ بِالحُبِّ وَلَم يَشهَدِ

لَمّا رَآهُ شَهِدَت عَينُهُ

مُشَوَّهَ اللَبسَةِ في المَشهَدِ

هَذي الَّتي دَلَّهَهُ حُبُّها

وَكانَ حيناً مِن حَصى المَسجِدِ

فَقُلتُ يا صاحِ بِها حَيِّني

كِلني لِما بي لَستُ بِالمُرشَدِ

كُنتُ كَما قُلتَ مِنَ اَبنائِهِ

وَفِتنَتي عَبدَةُ بِالمَرصَدِ

بَينا كَذا إِذ بَرَقَت بَرقَةً

بَينَ رِداءِ الخَزِّ وَالمِجسَدِ

بَيضاءُ حُسناً أُشرِبَت صُفرَةً

تَهتَزُّ في غُصنِ الصِبى الأَغيَدِ

تَحسُدُها الجاراتُ مِن حُسنِها

وَمِثلُ عَبّادَةَ فَليُحسَدِ

يَحسُدنَ مِنها قَصَباً مالِئاً

لِلقُلبِ وَالخَلخالِ وَالمِعضَدِ

وَالدُرُّ وَالياقوتُ يَحسُدنَها

مُناطَةً في الأَوضَحِ الأَجيَدِ

وَمَضحَكاً مِنها كَما أَومَضَت

صَيفِيَّةُ المُزنِ وَلَم تُرعِدِ

وَأَنَّها حَوراءُ مَكحولَةٌ

غانِيَةٌ تَغنى عَنِ الإِثمِدِ

يَحسُدنَها ذاكَ إِلى صورَةٍ

قامَت بِها عِندي وَلَم تَقعُدِ

لا عَيبَ فيها غَيرَ تَأخيرِها

كُلَّ صَباحٍ وَعدَنا في غَدِ