يا طير إنا في غد طير

يا طَيرُ إِنّا في غَدٍ طَيرُ

روحِي فَإِنَّ البَينَ تَبكيرُ

قَد أَطلُبُ الحاجَةَ مِن مُشرِفٍ

مِن دونِها زَأرٌ وَتَنفيرُ

وَقَد تَعاطيني عِراقِيَّةٌ

كَأَنَّها إِذ جُلِيَت نورُ

لا تَسأَلي عَن شَأنِنا كُلِّهِ

مِن أَثَري عافٍ وَمَقفورُ

ما كُلُّ ما عِندي أُثَنّى بِهِ

يُطوى الخَنا وَالخَيرُ مَنشورُ

وَشاعِرٍ تَقَذى بِنا عَينُهُ

حيناً وَلا يَهديهِ تَبصيرُ

قُلتُ لَهُ إِذ هَدَرَت جِنُّهُ

وَكَثُرَت عَنهُ الأَخابيرُ

لَولا أَناتي أَصبَحَت شُرَّعاً

فيكَ وَغَنّى بِكَ طَنبورُ

بَدا نَذيرٌ لَكَ مِن ناصِحٍ

وَالعودُ حَيّاتٌ مَناكيرُ

عَجِبتُ مِن ساعٍ إِلى جَمرَتي

حينَ أَصاخَت لي المَعاشيرُ

يَسعى إِلى ناري وَلَم أَدعُهُ

إِنَّ أَبا عَمروٍ لَمَقرورُ

قَد زُرتُ أَملاكَ بَني هاشِمٍ

وَزارَني البيضُ المَعاصيرُ

مِن كُلِّ حَوراءَ هَضيمِ الحَشا

غالى بِها نَبتٌ وَتَوقيرُ

يَزيدُها طيباً إِذا أَقبَلَت

ثَغرٌ وَطَرفٌ فيهِ تَفتيرُ

وَحِليَةٌ يُحفِلُها عُصفُرٌ

كَأَنَّه في البِرسِ تَنّورُ

وَرُبَّما زُرتُ أَخاً ماجِداً

تَشقى بِكَفَّيهِ الدَنانيرُ

لِلّهِ نَدماني أَبو وابِصٍ

ما شَأنُهُ بُخلٌ وَتَقصيرُ

فَتىً يُباري كَأسُهُ كَفَّهُ

جُوداً وَبَعضُ القومِ خَنزيرُ

باكَرتُهُ أَعشو إِلى نارِهِ

شَوقاً وَما ضاقَت بِيَ الدُورُ

فَظَلَّ يَقليني وَأَفتَرُّهُ

كُلٌّ بِما يَصنعُ مَسرورُ

حَتّى إِذا اليَومُ مَضى كُلُّهُ

وَباحَ بِالمَكتومِ سُرسورُ

وَراعَنا في ميمِهِ كافِرٌ

خَليفَةُ الشَمسِ وَتستيرُ

وَاِغتلَّها زَورُ أَبي وابِصٍ

شَتاً فَهَزَّتهُ المَآخيرُ

دَعا لَنا الحورُ عَلَيها الحَيا

يا حَبَّذا الحورُ المَعاطيرُ

بِتنا نُعاطيها رُهاوِيَّةً

وَهيَ عِكافٌ بَينَنا صورٌ

تُزَيِّنُ الشَربَ وَقَد زانَها

في الدُرِّ شَبَّتهُ التَماصيرُ

جوفٌ مُصيخاتٌ وَإِن قُبِّلَت

حَنَّت كَما حَنَّ المَشاويرُ

يَشدونَ أَصواتاً مَدينِيَّةً

وَضَربَ مَكِّيٍّ لَهُ صورُ

تَبكي المَزاميرُ لَها تارَةً

شَجواً وَتَحكيها المَزاهيرُ

وَأَنا مَحبورٌ بِتَغريدِها

إِمّا تَداعى البَمُّ وَالزيرُ

ثُمَّ اِنقَضى ذاكَ فَلَم أَبكِهِ

غالَ نَعيمَ العَيشِ تَكديرُ

دَع ذا فَإِنَّ الغُرَّ مِن هاشِمٍ

أَبناءُ داوودَ المَساعيرُ

يَغدونَ لِلحَربِ بِأَقرانِها

صيدٌ إِذا هابَ العَواويرُ

بِالسَيبِ مِنهُم نَفَرٌ سادَةٌ

إِلَيهِمُ تُلقي الجَماهيرُ

قُل لَلغُواةِ الطالِبي شَأوِهِم

لا يُدرِكُ الريحَ المَجاميرُ

كَم مِن كَريمٍ مِن بَني هاشِمٍ

مُهدىً بِهِ الصِحَّةُ وَالخيرُ

لِلمُلكِ عَبّاسٌ وَأَبناؤُهُ

قِدماً وَلِلحُشِّ الخَنازيرُ

مِثلَ سُلَيمانَ وَمَن مِثلُهُ

تَحتَ الوَغى وَالسَيفُ مَشهورُ

نِصفانِ مِن جودٍ وَمِن عِزَّةٍ

لا يَستَميهِ العَسكَرُ الخورُ

في صَدرِهِ حِلمٌ وَفي دِرعِهِ

لَيثٌ عَليهِ التاجُ مَزرورُ

تَستَبشِرُ البيضُ بِلُقيانِهِ

طَوراً وَتَختالُ المَنابيرُ

يَعرِقنَ خِرّيتاً عَلَيهِ النَدى

كَالبُردِ إِذ تَمَّ بِهِ النيرُ

عَطاؤُهُ دَفقٌ وَمَوعودُهُ

طيبُ الثَنا وَالوَجهُ مَنصورُ

يَستَهلِكُ المالَ وَيُبقي الحِجا

وَلَيسَ مِنهُ الكَلِمُ العورُ

قَد قُدِّرَ الحَمدُ عَلى وَجهِهِ

تَحُفُّهُ الشُمُّ المَغاويرُ

وَاللَهِ ما عِندي سِوى بِرِّهِ

وَالمَلِكُ الصالِحُ مَبرورُ

صِحَّتُهُ كَالماءِ في مَدِّهِ

يَقري بِهِ جودٌ وَتَبكيرُ

فَغَمَّ حُسّادي وَحَبَّرتُهُ

بِالحَمدِ إِن الحَمدَ تَحبيرُ

زانَ سُليمانَ بَني هاشِمٍ

كَما يَزينُ الكاعِبَ السورُ

مِن حِلمِهِ حِلمٌ وَمِن حَزمِهِ

حَزمٌ وَمِن نَعماهُ تَيسيرُ

ضَرّابُ أَعناقٍ وَفَكّاكُها

فَسَيفُهُ مِسكٌ وَتَأمورُ

يَمحو بِجودٍ بُخلَ إِخوانِهِ

وَالذَنبُ تَمحوهُ المَقاديرُ