تبدت لنا حزوى فهاج جواها

تبَدَّت لَنا حُزوى فَهاجَ جَواها

نَسيمُ شَمالٍ ضَوَّعَتهُ رُباها

وَلاحَت لَها كُثبانُ رامَةَ فَاِنبَنَت

تَبَلَّ بِطوفانِ الدُموعِ خُطاها

حِجازِيَّةٌ أَضحى بِنَجدٍ جِوارُها

تَحِنُّ إِلَيها صُبحُها وَمَساها

يُكَلِّفُها الحادونَ شَوقاً إِلى الحِمى

وَأَينَ النَقا مِن حاجِرٍ وَحِماها

بِحَقِّكَ ذَكِّرها العَقيقَ لَعَلَّها

تَجِد راحَةً في سَيرِها وَعَساها

وَلا تَحرِموها بِالأُجَيرِعِ وَقفَةً

فَفي ذَلِكَ الوادي بُلوغِ مُناها

هُوَ السَفجُ وَضّاحُ الثَنِيّاتِ زَهرُهُ

وَرامَة فَيّاحُ النَسيمِ شَذاها

أَرِحها تُمَتِّع مِن تِهامَةَ طَرفِها

فَقَد حَلَفَت أَلا تَعودَ تَراها

لَها اللَهُ مِن مَوجوعَةِ القَلبِ فارَقَت

مَرابِعَها الأولى وَقاعُ قِلاها

إِذا ما حَدى الحادي بِنَجدٍ تَمايَلَت

كَأَنَّ سُلافَ السَلسَبيل سَقاها

يَرومُ بِها مَرمىً بَعيداً عَنِ الحِمى

وَأَينَ النَقا مِن حاجِرٍ وَحِماها

وَكَيفَ تُسارى في الزمامِ أَمامَها

وَقَد عَلِمَت أَنَّ العُذَيبَ وَراها

يُشَوِّقُها وَقعُ الهَوادِجِ في الضُحى

إِلى لَمَحاتٍ مِن قِبابِ قِباها

غَدَت تَقطَعُ البيدَ القِفارَ لَعَلَّها

تبرّد مِن ماءِ العُذَيبِ حَشاها

فَلَو شَرِبَت ماءَ البِحار لَما رَوى

لَها ذَلِكَ الماءُ القُراحُ ظَماها

جُعِلتُ فِداها وَالنِياقُ بِأَسرِها

وَلَو أَنصَفَ الحادي لكان فداها

أَحِنُّ إِذا حَنَّت وَاِصبو إِذا صَبَت

وَكَيفَ عَنائي أَن يَكونَ عَناها

كَأَنَّ جَفارَ السَفحِ رَوضُ شَقائِقٍ

مُرَوَّضَّةٍ مِن دَمعِها وَبُكاها

خَلا الرَكب مِن صَبٍّ سِويَ كما خَلا

مِنَ العَيسِ صَبّاً بِالحِجازِ سِواها

خَليلَيَّ قَد زارَ الأُجَيرِع نِسمَةً

مِنَ الخَيفِ يحيى الناشِقينَ هَواها

دَعابي وَلُقياها فَقَد ضَمِنَت لَنا

سُكون خَفوقِ القَلبِ عِندَ لِقاها

سَلامُ مُشَوِّقٍ كُلَّما هَبَّتِ الصِبا

جَنوباً تَلَقّى نَشرَها وَشَذاها

عَلى الحَيِّ بِالجَرعاءِ حينَ تَيَمَّمَت

بِهِنَّ المَطايا وَاِستَقَلَّ حِداها

وَما أُمُّ فَرخ بانَ عَنها قَرينها

تَقَلقَلَ مِن وَجدٍ عَلَيهِ حَشاها

وَوَرقاءَ بانٍ فارَقَتها فِراخها

فَعَزَّ عَلَيها بَعدَهُنَّ بَقاها

بِأَوجَعَ مِن قَلبي غَداةَ تَرَحَّلَت

رَكائِبُ مِن سَلمى وَشَطَّ نَواها

أَأَحبابَنا بِنتُم عَنِ الخيفِ فَاِشتَكَت

لِبُعدِكُم آصالَها وَضُحاها

وَفارَقتُمُ الدارَ الأَنيسَةَ فَاِستَوت

رُبوعُ مَغانيها وَقاعُ قِلاها

كَأَنَّكُمُ يَومَ الرَحيل رَحَلتُمُ

بِنَومي فَعَيني لا تُصيبُ كَراها

وَكُنتُ شَحيحاً مِن دُموعي بِقَطرَةٍ

فَقَد صِرتُ سَمحاً بَعدَكُم بِدِماها

رَعى اللَهُ لَيلاتٍ بِطيبِ حَديثِكُم

تَقَضَّت وَحَيّاها الحيا وَسَقاها

فَما قُلتُ إيهٍ بَعدَها لِمُسامِرٍ

مِنَ الناسِ إِلّا قَالَ قَلبِيَ آها

يَراني خَليلي باسِماً فَيَظُنُّ بي

سُروراً وَأَحشايَ الهُمومُ مَلاها

فَكَم ضِحكَةٍ في القَلبِ مِنها حَرارَةٌ

يَسُبُّ لَظاها لَو كَشَفتَ غِطاها

مَتى تَنقَضي أَيّامُ ذُلّي وَاِجتَنى

ثِمارَ وِصالٍ قَد حُرِمتُ جَناها

وَأَستَصحِب القَومَ الَّذينَ بِمُهجَتي

لِفَقدِهِمُ نارٌ يَشُبُّ لَظاها

رَمى اللَهُ أَحداثَ الزَمانِ بِصَرفَةٍ

وَقَيَّضَ لِلأَيّامِ مِثلَ قَضاها

فَكَم لِليالي مِن صُروفٍ تَرَكنَني

أَروحُ وَلي حَظُّ شَبيهُ دُجاها