عودي علي ولو كلمح الناظري

عودي عَلَيَّ وَلَو كَلَمحِ النَاظِري

لِيَعودَ لي زَمَنُ الشَبابِ الناضِرِ

فَأَلَذُّ عَيشٍ ما اِنقَضى وَتَراجَعَت

كَرَماً بِهِ أَيدي الزَمانِ الغادِرِ

كُلُّ اللَيالي الماضِياتِ خَلاعَةٌ

تَفدي نَعيمَكَ يا لَيالي حاجِرِ

ما كانَ أَسرَعَ ما اِنقَضَت فَكَأَنَّما

كانَت مَناماً في جَناحَي طائِرِ

وَليتبعنَّ القَلبَ فيكَ مِنَ الأَسى

بِأَوائِلٍ مَوصولَةٍ بِأَواخِرِ

وَأَحِنُّ حَنَّةَ ذاكِرٍ مُتَجاوِزٍ

لِرَسيسِ لَوعَتِهِ حَنينَ الذاكِرِ

كانَ الصِبا زَماناً أَرَقَّ مِنَ الصِبا

وَأَلَذَّ مِن غَفَواتِ عَينِ الساهِرِ

وَلّى وَما بَرَحَت نَضارَةَ عودِهِ

وَجَمالُ تاجِ جَمالِهِ في ناظِري

أَشكو الفِراقَ وَإِنها لشِكايَة

كَالنارِ في الأَحشاءِ ذاتَ شَرائِرِ

آهاً عَلى نَجدٍ وَأَيّامٍ بِها

أَيّامَ أَفراحي وَعَصرَ بَشائِري

ما كُنتُ أَقنَعُ بِالتَواصُلِ مِنهُم

وَاليَومَ أَقنَع بِالخَيالِ الزَائِرِ

وَأَغَنَّ أَسغَفَ ما يَكونُ بِحُبِّهِ

يَوماً إِذا خَطَرَ السُلُوُّ بِخاطِري

أَدنى صَبابَةِ مُهجَتي فيهِ الَّذي

أَضحَت حَديث عَجائِبَ وَنَوادِرِ

ما زالَ قَلبي بِالأَسى مُتَأَنِّساً

مُذ لَقَّبوهُ بِالغَزالِ النافِرِ

يا قَلبُ قَد بَيَّنتَ فيهِ صَبابَةً

فَيَفوقُ مِن عَينَيهِ كَيد الساحِرِ

كَيفَ الخَلاصُ وَكُلُّ أَسوَدَ فاتِرٍ

أَضحى يَصولُ بكُلَّ أَبيَضَ فاتِرِ