هيجت وجدي يا نسيم الصبا

هَيجَت وَجدي يا نَسيمَ الصَبا

إِن كُنتَ مِن نَجدٍ فَيا مَرحَبا

جَدِّد فَدَتكَ النَفسُ عَهدَ الصِبا

بِذَكرِكَ الحَيَّ وَتِلكَ الرُبا

إِنَّ المُقيمينَ بِسَفحِ اللِوى

مَن لا أَرى لي عَنهُم مُذهَبا

أَبقوا الأسى لي بَعدَهُم مَطعَماً

وَالدَمع حَتّى نَلتَقي مَشرَبا

واحَرَباً مِن طولِ يَومِ النَوى

وَذو الهَوى يَعذرُ أَن جرَّبا

حَلّوا قُباً داراً فَمِن أَجلِ ذا

أَضحَت نِهاياتُ الأَماني قُبا

وَاِستَصحَبوا قلبي غَداةَ النَوى

فَعَزَّ مَصحوباً وَمُستَصحَبا

فَآهُ مِن يَومٍ عَلى حاجِرٍ

رُحتُ لِحَتفي فيهِ مُستَعذِبا

كانَت بِهِ وَقفَتُنا لِلنَوى

نَسكُبُ دَمعاً عَزَّ أَن يَسكُبا

لا هَجَعَت وَرقاءَ بَعدَ الحِمى

وَلا سَرَت فَيحاءُ ريح الصِبا

وَبَلَّغَ الاَهُ المُنى نازِحاً

بِالخيفِ مِن قَلبي الأسى قَرَّبا

ما زِلتُ أَبكي الشِعبَ مِن بَعدِهِم

حَتّى غَدا مِن أَدمُعي مَعشَبا

أَهوى رُبا الجزعِ وَلَولاهُم

بِالجَزعِ لَم أَعشَق تِلكَ الرُبا

كانَ الهَوى حَيثُ النَقا منزِلُ

يَجمَعُنا وَالعَصرُ عَصرُ الصِبا

وَالدَهرُ قَد قَصَّرَ باع النَوى

وَمَدَّ بِالوَصلِ لَنا أَطنبا

لِلَهِ بَينٌ جارَ في وَقعِهِ

عَقلي وَلُبّي قَد غَدا مُعجَبا

كَيفَ اِحتِيالي في هَوى شادِنٍ

ما رُمتُ مِنهُ الوَصلَ إِلّا أَبا

ظَبيٌ مِنَ التُركِ وَلَكِنَّهُ

أَضحى لِحَتفي فيهِ مُستَعرِبا

جَبينُهُ الفَتانُ بادي السَنا

وَطَرفُهُ الوَسنانُ ماضي الشَبا

وَيلاهُ مِن صدغٍ بَدا كَالدُجا

عَقرَبُهُ في الصدغِ قَد عَقرَبا

يا مُعرِضاً عَرَّضَ بي لِلرَدى

ما كُنتُ لِلإِعراضِ مُستَوجِبا

حَمَّلتَ قَلبي فيكَ ما لوغدا

بِالجَبَلِ الشامِخِ أَمسى هَبا