تونس

مَا كنتُ أَحْسَبُ بعدَ موتكَ يا أَبي ومشاعري عمياءُ بالأَحزانِ أَنِّي سأَظمأُ للحياةِ وأَحتسي

يا ربَّةَ الشِّعرِ والأَحلام غنِّيني فقد سَئِمْتُ وُجومَ الكونِ مِنْ حينِ إنَّ اللَّيالي اللَّواتي ضمَّختْ كَبِدِي

كنَّا كَزَوْجَيْ طائرٍ في دَوْحَةِ الحُبِّ الأَمينْ نَتْلو أَناشيدَ المنى

أَظَلَّ الوُجُودَ المساءُ الحزينُ وفي كفِّهِ معْزَفٌ لا يُبينْ وفي ثَغرهِ بَسَماتُ الشُّجونِ

إِذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كانَ شوقُهُ صغيراً فلم يتعبْ ولم يتجشَّمِ ومَنْ كانَ جبَّارَ المطامِعِ لم يَزَلْ

وَأَوَدُّ أَنْ أَحيا بفِكْرَةِ شاعرٍ فأَرى الوُجُودَ يضيقُ عَنْ أَحلامي إلاَّ إِذا قَطَّعْتُ أَسبابي مع الدُّ

يا رفيقي وأَينَ أَنْتَ فَقَدْ أَعْمَتْ جُفوني عواصِفُ الأَيَّامِ ورمتْني بمَهْمَهٍ قاتِمٍ قفرٍ

بيتٌ بَنَتْهُ ليَ الحَيَاةُ من الشَّذَى والظِّلِّ والأَضواءِ والأَنغامِ بيتٌ من السِّحْرِ الجميلِ مشَيَّدٌ

تَرجو السَّعادَةَ يا قلبي ولو وُجِدَتْ في الكونِ لم يشتعلْ حُزْنٌ ولا أَلَمُ ولا استحالتْ حياةُ النَّاسِ أجمعُها

مَا قَدَّْسَ المثلَ الأَعلى وجمَّلَهُ في أَعيُنِ النَّاسِ إلاَّ أنَّهُ حُلُمُ ولو مَشَى فيهُمُ حيًّا لحطَّمَهُ