مدارس آيات خلت من تلاوة

مَدارِسُ آياتٍ خَلَت مِن تِلاوَةٍ

وَمَنزِلُ وَحيٍ مُقفِرُ العَرَصاتِ

لِآلِ رَسولِ اللَهِ بِالخَيفِ مِن مِنىً

وَبِالرُكنِ وَالتَعريفِ وَالجَمَراتِ

دِيارُ عَلِيٍّ وَالحُسَينِ وَجَعفَرٍ

وَحَمزَةَ وَالسُجّادِ ذي الثَفِناتِ

دِيارٌ عَفاها جَورُ كُلِّ مُنابِذٍ

وَلَم تَعفُ لِلأَيّامِ وَالسَنَواتِ

قِفا نَسأَلِ الدارَ الَّتي خَفَّ أَهلُها

مَتى عَهدُها بِالصَومِ وَالصَلَواتِ

وَأَينَ الأُلى شَطَّت بِهِم غَربَةُ النَوى

أَفانينَ في الآفاقِ مُفتَرِقاتِ

هُمُ أَهلُ ميراثِ النَبِيِّ إِذا اِعتَزَوا

وَهُم خَيرُ قاداتٍ وَخَيرُ حُماةِ

وَما الناسُ إِلّا حاسِدٌ وَمُكَذِّبٌ

وَمُضطَغِنٌ ذو إِحنَةٍ وَتِراتِ

إِذا ذَكَروا قَتلى بِبَدرٍ وَخَيبَرٍ

وَيَومِ حُنَينٍ أَسبَلوا العَبَراتِ

وَكَيفَ يُحِبّونَ النَبِيَّ وَأَهلَهُ

وَقَد تَرَكوا أَحشاءَهُم وَغراتِ

لَقَد لايَنوهُ في المَقالِ وَأَضمَروا

قُلوباً عَلى الأَحقادِ مُنطَوِياتِ

قُبورٌ بِكوفانٍ وَأُخرى بِطَيبَةٍ

وَأُخرى بِفَخٍّ نالَها صَلَواتي

وَقَبرٌ بِأَرضِ الجَوزَجانِ مَحَلُّهُ

وَقَبرٌ بِباخَمرا لَدى العَرِماتِ

وَقَبرٌ بِبَغدادٍ لِنَفسٍ زَكِيَّةٍ

تَضَمَّنَها الرَحمَنُ في الغُرُفاتِ

وَقَبرٌ بِطوسٍ يا لَها مِن مُصيبَةٍ

تُرَدَّدُ بَينِ الصَدرِ وَالحَجَباتِ

فَأَمّا المُمَضّاتُ الَّتي لَستُ بالِغاً

مَبالِغَها مِنّي بِكُنهِ صِفاتِ

إِلى الحَشرِ حَتّى يَبعَثَ اللَهُ قائِماً

يُفَرِّجُ مِنها الهَمَّ وَالكَرَباتِ

نُفوسٌ لَدى النَهرَينِ مِن أَرضِ كَربَلا

مُعَرَّسُهُم مِنها بِشَطٍّ فُراتِ

أَخافُ بِأَن أَزدارَهُم وَيَشوقُني

مُعَرَّسُهُم بِالجِزعِ مِن نَخَلاتِ

تَقَسَّمَهُم رَيبِ الزَمانِ فَما تَرى

لَهُم عَقوَةً مَغشِيَّةَ الحُجُراتِ

سِوى أَنَّ مِنهُم بِالمَدينَةِ عُصبَةً

مَدى الدَهرِ أَنضاءً مِنَ الأَزَماتِ

قَليلَةُ زُوّارٍ سِوى بَعضِ زُوَّرٍ

مِنَ الضَبعِ وَالعِقبانِ وَالرَخَماتِ

لَهُم كُلَّ حينٍ نَومَةٌ بِمَضاجِعٍ

لَهُم في نَواحي الأَرضِ مُختَلِفاتِ

وَقَد كانَ مِنهُم بِالحِجازِ وَأَهلِها

مَغاويرُ نَحّارونَ في السَنَواتِ

تَنكَّبُ لَأواءُ السِنينَ جِوارَهُم

فَلا تَصطَليهِم جَمرَةُ الجَمَراتِ

حِمىً لَم تُطِرهُ المُبدِياتُ وَأَوجُهٌ

تَضيءُ مِنَ الايسارِ في الظُلُماتِ

إِذا أَورَدوا خَيلاً تَسَعَّرُ بِالقَنا

مَساعِرُ جَمرِ المَوتِ وَالغَمَراتِ

وَإِن فَخَروا يَوماً أَتَوا بِمُحَمَّدٍ

وَجِبريلَ وَالفُرقانِ ذي السوراتِ

أولَئِكَ لا مِن شَيخُ هِندٍ وَتِربِها

سُمَيةَ مِن نَوكى وَمِن قَذِراتِ

مَلامَكَ في أَهلِ النَبِيِّ فَإِنَّهُم

أَحِبّايَ ما عاشوا وَأَهلُ ثِقاتي

سَأَقصُرُ نَفسي جاهِداً عَن جِدالِهِم

كَفاني ما أَلقى مِنَ العَبَراتِ

فَيا نَفسُ طيبي ثُمَّ يا نَفسُ أَبشِري

فَغَيرُ بَعيدٍ كُلُّ ما هُوَ آتِ

وَلا تَجزَعي مِن مُدَّةِ الجَورِ إِنَّني

كَأَنّي بِها قَد آذَنَت بِبَتاتِ

فَإِن قَرَّبَ الرَحمَنُ مِن تِلكَ مُدَّتي

وَأَخَّرَ مِن عُمري لِيَومِ وَفاتي

شَفَيتُ وَلَم أَترُك لِنَفسِيَ غُصَّةً

وَرَوَّيتُ مِنهُم مُنصُلي وَقَناتي

عَسى اللَهُ أَن يَأوي لِذا الخَلقِ إِنَّهُ

إِلى كُلِّ قَومٍ دائِمُ اللَحَظاتِ

أُحاوِلُ نَقلَ الشَمسِ مِن مُستَقَرِّها

وَإِسماعَ أَحجارٍ مِنَ الصَلِداتِ

فَمِن عارِفٍ لَم يَنتَفِع وَمُعانِدٍ

يَميلُ مَعَ الأَهواءِ وَالشَهَواتِ

قُصارايَ مِنهُم أَن أَأوبَ بِغُصَّةٍ

تَرَدَّدُ بَينَ الصَدرِ واللَهواتِ

إِذا قُلتُ عُرفاً أَنكَروهُ بِمُنكَرٍ

وَغَطّوا عَلى التَحقيقِ بِالشُبُهاتِ

كَأَنَّكَ بِالأَضلاعِ قَد ضاقَ رُحبُها

لِما ضُمِّنَت مِن شِدَّةِ الزَفَراتِ