يا واقفا يبكي الطلول وينشد

يا واقِفاً يَبكي الطُلولَ وَيُنشِدُ

بِاللَهِ تِهتَ وَغابَ عَنكَ المُرشِدُ

كَم تَدَّعي حُزناً وَأَنتَ مُرَفَّهٌ

إِن كُنتَ مَحزوناً فَما لَكَ تَرقُدُ

هَلّا بَكَيتَ عَلى الحُسَينِ وَأَهلِهِ

هَلّا بَكَيتَ لِمَن بَكاهُ مُحَمَّدُ

فَلَقَد بَكَتهُ في السَماءِ مَلائِكٌ

زُهرٌ كِرامٌ راكِعونَ وَسُجَّدُ

وَتَضَعضَعَ الاِسلامُ يَومَ مُصابِهِ

فَالدينُ يَبكي فَقدَهُ وَالسُؤدُدُ

أَنَسيتَ إِذ صارَت إِلَيهِ كَتائِبٌ

فيها اِبنُ سَعدٍ وَالطُغاةُ الجُحَّدُ

لَم يَحفَظوا حَقَّ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ

إِذ جَرَّعوهُ حَرارَةً لا تَبرُدُ

قَتَلوا الحُسَينَ وَأَثكَلوهُ بِسِبطِهِ

فَالثُكلُ مِن بَعدِ الحُسَينِ مُبَدَّدُ

كَيفَ القَرارُ وَفي السَبايا زَينَبٌ

تَدعو بِفَرطِ حَرارَةٍ يا أَحمَدُ

هَذا حُسَينٌ بِالسُيوفِ مُبَضَّعٌ

وَمُلَطَّخٌ بِدِمائِهِ مُستَشهَدُ

عارٍ بِلا ثَوبٍ صَريعٌ في الثَرى

بَينَ الحَوافِرِ وَالسَنابِكِ يُخضَدُ

وَالطَيِّبونَ بَنوكَ قَتلى حَولَهُ

فَوقَ التُرابِ ضَواحِياً لا تُلحَدُ

وَالشَمسُ وَالقَمَرُ المُنيرُ كِلاهُما

حَولَ النُجومِ تَباكِيا وَالفَرقَدُ

أَنَسيتَ قَتلَ المُصطَفَينَ بِكَربَلا

حَولَ الحُسَينِ ذَبائِحاً لَم يُلحَدوا

فَسَقَوهُ مِن جُرَعِ الحُتوفِ بِمَشهَدٍ

كَثُرَ العَدُوُّ بِهِ وَقَلَّ المُسعِدُ

ثُمَّ اِستَباحوا الطاهِراتِ حَواسِرا

فَالشَملُ مِن بَعدِ الحُسَينِ مُبَدَّدُ

بِالطَفِّ حَولي مِن يَتامى إِخوَتي

في الذُلِّ قَد سُلِبوا القِناعَ وَجُرِّدوا

يا جَدُّ قَد مُنَعوا الفُراتَ وَقُتِّلوا

عَطَشاً فَلَيسَ لَهُم هُنالِكَ مَورِدُ

يا جَدُّ إِنَّ الكَلبَ يَشرَبُ آمِناً

رِيّاً وَنَحنُ عَنِ الفُراتِ نُطَرَّدُ

يا جَدُّ قَد أَمسَيتُ مِمّا نالَني

وَلِما أُعانيهِ أَقومُ وَأَقعُدُ

يا جَدُّ لَو أَبصَرتَني وَرَأَيتَني

وَالخَدُّ مِنّي بِالدِماءِ مُخَدَّدُ

يا جَدُّ ذا نَحرُ الحُسَينِ مُضَرَّجٌ

بِالدَمِ وَالجِسمُ الشَريفُ مُجَرَّدُ

يا جَدُّ ذا صَدرُ الحُسَينِ مُرَضَّضٌ

وَالخَيلُ تَنزِلُ مِن عَلَيهِ وَتَصعَدُ

يا جَدُّ ذا نَجلُ الحُسَينِ مُعَلَّلٌ

وَمُغَلَّلٌ في قَيدِهِ وَمُصَفَّدُ

يَرنو لِوالِدِهِ وَيَرنو حالَهُ

وَبَنو أُمَيَّةَ في العَمى لَم يَهتَدوا

يا جَدُّ ذا شَمِرٌ يَرومُ بِفَتكِهِ

ذَبحَ الحُسَينِ فَأَيُّ عَينٍ تَجمُدُ

لِيَحوزَ جائِزَةَ اللَعينِ

لَعَنَ المُهَيمِنُ ما بِهِ يَتَضَهَّدُ

حَتّى إِذا أَهوى عَلَيهِ بِسَيفِهِ

نادى بِأَخفَضِ صَوتِهِ يا أَوحَدُ

يا خالِقي أَنتَ الرَقيبُ عَلَيهِمُ

في فِعلِهِم ظُلماً وَإِنَّكَ تَشهَدُ

وَتَعُجُّ طوراً بِالنَبِيِّ المُصطَفى

يا والِدي الساقي عَلِيِّ المُرتَضى

نالَ العَدُوُّ بِنا كَما قَد مَهَّدوا

يا أُميَ الزَهراءَ قومي عَدِّدي

وَجَميعُ أَملاكِ السَما لَكِ تُنجِدُ

هَذَا حَبيبُكِ بِالنُصولِ مُقَطَّعٌ

هَذا مُصابٌ ما أُصيبَ بِمِثلِهِ

بَشَرٌ مِنَ المَخلوقِ إِلّا

وَإِلَيكُمُ مِن

بَعضِ النِظامِ عَساهُ فيهِ يَسعَدُ

صَلّى الاِلَهُ عَلَيكُمُ يا مَن

ما دامَ طَيرٌ في السَماءِ يُغَرِّدُ