جاء الربيع أخو حياة الأنفس

جاء الربيعُ أخو حياةِ الأَنْفُس

ومُجمِّلُ الدنيا بأَفْخَرِ مَلْبَسِ

فاغْنَمْ بنا مُلَح الزمانِ مُبادِرا

وتَملَّ منها حَظَّ من لم يُبْخَس

واستقبِلِ الأَرج المُعطَّر كلما

مَرَّت عليه الريحُ كالمُتنفِّس

فكأنما زهرُ النباتِ قَلائدٌ

نُثرِت على صَفحات بُسْط السُّندس

والوردُ يَخْجل حينَ قبَّل خَدَّه

ثغرُ الأَقاحي من عيون النرجس

فكأنه غيرانُ أدهشه الهوى

وأمالَ منه الفكرُ جِيدَ منكِّس

وكأنما الأغصان تَطْرب كلما

ألقتْ إليها الريحُ سرَّ مُوسوِس

وكأن هَتْف الوُرْقِ في أَغصانِها

لفظٌ يُفيدك من فصيحٍ أَخْرس

والماءُ قد عَبثتْ به أيدي الصَّبا

فَحكي غُضونا في جبينِ مُعبِّس

وكأنما حُبُك الرياحِ على النَّقا

أَثر الحَزازِ على سَنامِ الأَعْيُس

والطيرُ تَسْرَح في الرياض غَوادِيا

للرزقِ بين مُبكِّرٍ ومُغلِّس

والوحشُ بين سَوانحٍ وبَوارحٍ

ورَواتعٍ بين الرياض وكنَّس

تَرِد الغديرَ ورودَ من لا يشتفِى

وتنال من طَرفيْه ما لم تَغْرِس

والشمسُ تُجْلَى في مَطالع شَرْقها

في حُلَّتين مُعَصْفَرٍ ومُوَرَّس