هذا الفراق وهذه الأظعان

هذا الفراقُ وهذه الأَظعانُ

هل غيرَ وقِتك للدموعِ أَوانُ

إيهٍ دموعَك إنما سُنَن الهوى

جسم يذوب ومَدْمَعٌ هَتّان

إنْ لم تفِضْها كالعقيقِ فكلُّ ما

تدعوه من جهد الهوى بُهتْان

إن كنتَ تَدَّخر الدموعَ لبَينِهم

فالآنَ قد وقع الفراقُ وبانوا

قد حلَّ ما قد كنتَ تحذر كونَه

فلقُرْبِ شأنك أنْ تُؤخّر شان

عذرُ المتيَّمِ أن يكون بقلبه

نارٌ وبين جفونه الطوفان

أفصِحْ بما ضَمِنت دموعك من أسى

فعليكَ من أمر الهوى برهان

هذا السَّقامُ على ضميرِك شاهد

عَدْلٌ فماذا ينفع الكتمان

تَتناهبُ الزَّفراتُ قلبَك كلما

غنى على فَنَنِ الغَضا حَنَّان

ويَهيج شوقَك للأحبةِ شكلُها

كُثبٌ تَميس على ذُراها البان

قد كان حَسْبُك أنْ تَكلَّمَ مُقْلةٌ

يومَ التَّرحُّلِ أو يُشير بَنان

لكنْ عَداكَ عن الأحبة مِثلُها

قَدٌّ ولحظٌ ذابلٌ وسِنان

للبيضِ دونَ البيضِ ضربٌ مثلما

للسُمْرِ دونَ السمر عنك طِعان

من كلِّ مُعتِقلِ القَناةِ تَخالُه

أَسدا يلوذ بكفِّه ثعبان

يسطو وقائمُ سيفهِ في كفِّه

فكأن راحتُه له أوطان

للهِ دَرُّكِ يا أُثيلاتِ الحِمى

سَقْيا لعيشك والزمانُ زمان

كم قد نَثَرْنا فيكِ من أَفواهِنا

دُرّا صَفا أصدافُه الآذان

سِرٌّ ولولا شُحُّ أَلْسُنِنا به

رَقَصت به طَرَبا لها كثبان

وفؤادِ مُظلمةٍ قطعتُ نِياطَه

سَعْيا وطَرْفُ جِماحها وَسْنان

لا تُقدم القَدَمان فيه بخطوة

جَرْيا ولا للعينِ فيه عيان

ومُصاحِبي شختُ الغِرارُ مُذَرَّب

للموت في جَنباته هيجان

حتى سموتُ إلى رفيعٍ يبصر ال

إنسانَ في صَفحاته الإنسان

سامٍ يَزَلُّ الذَّرُّ عن جَنباته

ويَكلُّ دونَ سمائه العِقْبان

وبكتْ حذارَ الكاشِحين فخِلتُ ما

في الجيدِ ما جادت به الأجفان

ورشفتُ معسولَ الرضاب كأنما

فُضَّت عليه لَطيمةٌ ودِنان