أمن دمنة جرت بها ذيلها الصبا

أَمِن دِمنَةٍ جَرَّت بِها ذَيلَها الصَبا

لِصَيداءَمَهلاً ماءُ عَينَيكَ سافِحُ

دِيارُ الَّتي هاجَت خَبالاً لِذي الهَوى

كَما هاجَت السَأوَ الُبروقُ اللَوامِحُ

بِحَيثُ اِستَفاضَ القِنعُ غَربيَّ واسِطٍ

نِهاءٌ وَمَجَّت في الكَثيبِ الأَباطِحُ

حَدا بارِحُ الجَوزاءِ أَعرافَ مورِهِ

بِها وَعَجاجُ العَقرَبِ المُتَناوِحُ

ثَلاثَةَ أَحوالٍ وَحولاً وَسِتَّةً

كَما جَرَت الرَيطَ العَذارى المَوارِحُ

جَرى أَدعَجُ الرَوقَينِ وَالعَينِ واضِحُ

القَرا أَسفَعُ الخَدَّينِ بِالبِينِ بارِحُ

بِتَفريقِ طِيّاتٍ تَياسَرنَ قَلبَهُ

وَشَقَّ العَصا مِن عاجِلِ البَينِ قادِحُ

غَداةَ اِمتَرَى الغادونَ بِالشَوقِ عَبرَةً

جَموماً لَها في أَسودِ العَينِ مائِحُ

لَعَمرُكَ وَالأَهواءُمِن غَيرِ واحِدٍ

وَلا مُسعِفٍ بي مَولَعاتٌ سَوانِحُ

لَقَد مَنَحَ الوُدَّ الَّذي ما مَلَكتَهُ

عَلى النَأيِ مَيّاً مِن فُؤادِكَ مانِحُ

وَإِنَّ هَوى صَيداءَفي ذَاتِ نَفسِهِ

بِسائِرِ أَسبابِ الصَبابَة راجِحُ

لَعَمرُكَ ما أَشوانِيَ البَينُ إِذ غَدا

بِصَيداءَمَجذوذٌ مِن الوصَلِ جامِحُ

وَلَم يَبقَ مِمّا كانَ بِيني وَبَينَها

مِنَ الوُدِّ إِلاّ ما تُجِنُّ الجَوانِحُ

وَما ثَغَبٌ باتَت تُصَفِّقُهُ الصَبا

قَرارَةُ نِهيٍ أَتأَقَتهُ الرَوائِحُ

بِأَطيَبَ مِن فيها وَلا طَعُم قَرقَفٍ

بِرَمّانَ لَم يَنظُر بِها الشَرقَ صابِحُ

أَصيدَاءُ هَل قَيظُ الرَمادَةِ راجِعٌ

لَياليهِ أَو أَيّامُهُنَّ الصَوالِحُ

سَقى دارَها مُستَمطَرٌ ذو غَفارَةٍ

أَجَشُّ تَحَرَّى مُنشَأَ العَينِ رائِحُ

هَزيمٌ كَأَنَّ البُلقَ مَجنوبَةً بِهِ

يُحامينَ أَمهاراً فَهُنَّ رَوامِحُ

إِذا ما اِستَدَرَّتهُ الصَبا وَتَذاءَبَت

يَمانِيَةٌ تَمري الذِهابَ الَمنائِحُ

وَإِن فارَقَتهُ فُرَّقُ المُزنِ شايَعَت

بِهِ مُرجَحَّناتُ الغَمامِ الدَوالِحُ

عَدا النَأيُ عَن صَيداءَ حيناً وَقُربُها

إِلينا وَلَكِن ما إِلى ذاكَ رابِحُ

سَواءٌ عَلَيكَ اليَومَ أَنصاعَت النَوى

بِصَيداءَ أَم أَنحى لَكَ السَيفُ ذابِحُ

أَلا طالَ ما سُؤتَ الغَيورَ وَبَرَّحَت

بي الأَعيُنُ النُجلُ المِراضُ الصَحائِحُ

وَساعَفتُ حاجاتِ الغَواني وَراقَني

عَلى النُجلِ رَقراقاتُهُنَّ المَلائِحُ

وَسايَرتُ رُكبانَ الصِبى وَاستَهَشَّني

مُسِرّاتُ أَضغانِ القُلوبِ الطَوامِحُ

إِذا لَم نَزُرها مِن قَريبٍ تَناوَلَت

بِنا دارَ صَيداءُ القِلاصُ الطَلائِحُ

مَحانيقُ يَنفُضنَ الخِدامَ كَأَنَّها

نَعامٌ وَحاديهِنَّ بِالخَرقِ صادِحُ

إِذا ما اِرتَمى لَحياهُ ياءَينِ قَطَّعَت

نِطافَ المِراحِ الضامِناتُ القَوارِحُ

وَهاجِرَةٍ غَرّاءَسامَيتُ حَدَّها

إِلَيكِ وَجَفنُ العَينِ بِالماءِسافِحُ

عَبورِيَّةٍ شَهباءَ يَرمي أَجيجُها

ذَواتِ البُرى وَالرَكبَ وَالظِلُّ ماصِحُ

تَرى النَاعِجاتِ الأُدمَ يُنجي خُدودَها

سِوى قَصدِ أَيديها سُعارٌ مُكافِحُ

لَظىً تَلفَحُ الحِرباءَحَتّى كَأَنَّهُ

أَخو جَرماتٍ بَزَّ ثَوبَيهِ شابِحُ

وَتيهٍ خَبَطنا غَولَها فَارتَمى بِنا

أَبو البُعدِ مِن أَرجائِها المُتَطاوِحُ

فَلاةٍ لِصوتِ الجِنِّ في مُنكَراتِها

هَزيزٌ وَلِلأَبوامِ فيها نَوائِحُ

إِذا ذاتُ أَهوالٍ ثَكولٌ تَلَوَّنَت

بِها العِينُ فوضى وَالنَعامُ السَوارِحُ

تَبَطَّنتُها وَالقَيظُ ما بَينَ جالِها

إِلى جالِها سِتراً مِن الآلِ ناصِحُ

بِمُقوَرَّةٍ الأَلياطِ عوجٍ مِنَ البُرى

تَساقَطُ في آثارِهِنَّ السَرائِحُ

نَهزنَ العَنيقَ الرَسلَ حَتّى أَمَلَّها

عِراضُ المَثاني وَالوجيفُ المُراوِحُ

وَتَرجافُ أَلحِيَها إذا ما تَنَصَّبَت

عَلى رافِعِ الآلِ التِلالُ الزَراوِحُ

وَطَولُ اِغتِماسي في الدُجا كُلَّما دَعَت

مِنَ اللَيلِ أَصداءُ المِتانِ الصَوائِحُ

وَسَيري وَأَعراءُ المِتانَ كَأَنَّها

إِضاءٌ أَحَسَّت نَفحَ ريحٍ ضَحاضِحُ

عَلى حِميَرِيّاتٍ كَأَنَّ عُيونَها

ذِمامُ الرَكايا أَنكَزَتها المَواتِحُ

مَحانيقَ تُضحي وَهيَ عوجٌ كَأَنَّها

بِجوزِ الفَلا مُستَأجِراتٌ نَوائِحُ

مَوارِقَ مِن داجٍ حَدا أُخرَياتِهِ

وَما بِتنَ مَعروفُ السَماوَةِ واضِحُ

تَراءى كَمِثلِ الصَدعِ في مَنصَفِ الصَفا

بِحَيثُ المَها وَالمُلقَياتُ الرَوازِحُ

تَجَلَّى السُرى عَنّي وَعَن شَدَنِيَّةٍ

طِواءٍ يَداها لِلفَلا وَهُوَ نازِحُ

إِذا اِنشَقَّتِ الظَلماءُ أَضحَت كَأَنَّها

وَأَىً مُنطَوٍ باقي الثَميلَةِ قارِحُ

مِنَ الحُقبِ لاحَتهُ بَرهبَا مُرِبَّةٌ

تَهُزُّ السَفا وَالمُرتِجاتُ الرَوامِحُ

رَعى مُهرَاقَ المُزنِ مِن حَيثُ أَدجَنَت

مَرابيعُ دَلوِيَّاتِهِنَّ النَواضِحُ

جَداً قَضَّةَ الآسادِ وَاِرتَجَزَت لَهُ

بِنَوءِ السِماكينِ الغُيوثُ الرَوائِحُ

عَناقَ فَأَعلَى وَاحِفَينِ كَأَنَّهُ

مِنَ البَغيِ لِلأَشباحِ سِلمٌ مُصالِحُ

يُصادي اِبنَتَيَ قَفرٍ عَقيماً مُغَارَةً

وَطَيّاً أَجَنَّت فَهيَ لِلحَملِ ضارِحُ

نَحوصَينِ حَقباوَينِ غارَ عَليهِما

طَوي البَطنِ مَسحوجُ المَقَذَّينِ سابِحُ

إِذا الجازِئاتُ القُمرُ أَصبَحنَ لا تَرى

سِواهُنَّ أَضحَى وَهوَ بِالقَفرِ باجِحُ

تَتَلَّينَ أُخرى الجَزءِ حَتّى إِذا اِنقَضَت

بَقاياهُ وَالمَستَمطَراتُ الرَوائِحُ

وَطارَت فِراخُ الصَيفِ فاِستَوفَضَ الحَصى

حَوادِيهِ وَاِصفَرَت لَهُنَّ الضَحاضِحُ

دَعاهُنَّ مِن ثَأجٍ فَأزمَعنَ وِردَهُ

أَوِ الأَصهَبِيَّاتِ العُيونُ السَوائحُ

فَظَلَّت بِأَجمادِ الزُجاجِ سَواخِطاً

صِياماً تُغَنِّي تَحتَهُنَّ الصَفائِحُ

يُعاوِرنَ حَدَّ الشَمسِ خَزراً كَأَنَّها

قِلاتُ الصَفا عادَت عَلَيها المَقادِحُ

فَلَما لَبِسنَ اللَيلَ أَو حينَ نَصَّبَت

لَهُ مِن خَذا آذانِها وَهوَ جانِحُ

حَداهُنَّ شَحّاجٌ كَأَنَّ سَحيلَهُ

عَلى حَافَتَيهِنَّ اِرتَجازٌ مُفاضِحُ

يُحاذِرنَ مِن أَدفى إِذا ما هُوَ اِنتَحى

عَلَيهِنَّ لَم تَنجُ الفرودُ المَشائِحُ

كَما صَعصَعَ البازي القَطا وَتَكَشَّفَت

عَن المُقرَمِ الغَيرانِ عيطٌ لَواقِحُ

فَجاءَت كَذَودِ الخارِبينَ يَشُلُّها

مِصَكٌ تَهاداهُ صَحار صَرادِحُ

وَقَد أَسهَرَت ذا أَسهُمٍ باتَ طاويا

لَهُ فَوقَ زُجَّيِ مِرفَقَيهِ وَحاوِحُ

لَهُ نَبعَةٌ عَطوى كَأَنَّ رَنينَها

بِأَلوى تَعاطَتهُ الأَكُفُ المَواسِحُ

تَفَجُّعُ ثَكلى بَعدَ وَهنٍ تَخَرَّمَت

بَنيها بِأَمسِ الموجِعاتُ القَرائِحُ

أَخا فَترَةٍ يَرمي إِلى حَيثُ تَلتَقي

مِنَ الصَفحَةِ اليُسرى صُحارٌ وَواضِحُ

فَلَمّا اِستَوَت آذانُها في شَريعَةٍ

لَها غَيلَمٌ لِلبُترِ فيها صَوائِحُ

تَنَحى لِأَدناها فَصادَفَ سَهمَهُ

بِخاطِئَةٍ مِن جانِبِ الكيحِ ناطِحُ

فَأَجفَلنَّ أَن يَعلونَ مَتناً يُثِرنَهُ

أَو الأَكمَ تَرفَضُّ الصُخورُ الكَوابِحُ

يَنصِبنَ جَوناً مِن عَبيطٍ كَأَنَّهُ

حَريقٌ جَرَت فيهِ الرِياحُ النَوافِحُ

فَأَصبَحنَ يَطلُعنَ النِجادَ وَتَرتَمي

بِأَبصارِهِنَّ المُفضِياتُ الفَواسِحُ