أما ترى راهب الأسحار قد هتفا

أَمَا تَرَى راهِبَ الأَسْحَارِ قَدْ هَتَفا

وحَثَّ تَغْريدُهُ لَمّا عَلاَ الشّعَفَا

أَوْفَى بِصَبْغِ أبي قَابُوسَ مَفْرقُهُ

كَدُرَّةِ التّاجِ لَمّا عُولِيَتْ شَرَفَا

مُشَنّفاً بِعَقيقٍ حَولَ مَذْبَحِهِ

هَلْ كُنتَ في غيرِ أُذْنٍ تَعْقِدُ الشُّنُفَا

كأنّما الْتَفَّ في هُدَّابِ راهِبَةٍ

يَسْتَوْحِشُ الأُنْسَ إلاَّ بيعَه أنفا

لمّا أراحَتْ رُعاةُ اللّيلِ غَارِبَةً

مِنَ الكواكبِ كانتْ تَرْتَعِي السُّدُفا

هَزَّ اللِّواءَ على ما كانَ مِنْ سِنَةٍ

واهْتَزَّ ثُمَّ عَلا وارْتَجَّ ثُمَّ هَفا

ثُمَّ اسْتَمَرّ كما غَنّى على طَرَبٍ

مُرَنّحٌ قَدْ عَلا تَطْرِيبُهُ وَصَفَا

إذا اسْتَهَلَّ اسْتَهَلّتْ حولَهُ عُصَبٌ

كالحيِّ صِيحَ صَباحاً فيه فاختلفا

نَبّهْتُهُ والنّدامَى طالَ مَكْثُهمُ

فقلتُ قُمْ واكْفِنا الهَمَّ الذي وَكَفَا

فاصْرِفْ بِصِرْفِكَ وَجْهَ الماءِ يومكَ ذَا

حتى تَرَى نائماً منهم ومُنْصَرِفا

فَقامَ مُلْتَحِفاً كالبدرِ مُطّلِعاً

والظّبي مُلْتَفِتاً والغُصْنِ مُنْعَطِفا

رَقّتْ غُلالَةُ خَدَّيْهِ فلَوْ رَمِيَا

باللّحْظِ أَوْ بالمُنَى هَمّا بأنْ يَكِفَا

كأنَّ قافاً أُدِيرَتْ فوقَ وَجْنَتِهِ

واخْتَطَّ كاتِبُهَا مِنْ فَوْقِها أَلِفَا

فقلتُ مِنْ بعد ما شَاهَدْتُ هَيئتَهُ

حَسْبِي بِذَا عِوَضاً مِنْ خَمْرَتي وكَفا

فاسْتَلَّ راحاً كَبِيضٍ وافَقَتْ حَجَناً

خِلالَنا أو كَنَارٍ صادَفَتْ سَعَفَا

فكانَ مِنْ ضَوْئِها إِذْ قامَ مُصْطَبِحاً

وضَوْءِ وَجْنَتِهِ ما عَمّنَا وَكَفَى

صَفراء أو قَلَّ ما اصْفَرَّتْ فأَنتَ تَرى

ذَوْباً مِنَ الدُّرِ رَصُّوا فوقَهُ صَدَفَا

فلَمْ يَزَلْ في ثلاثٍ واثنتين وفي

خَمْسٍ وعَشْرٍ وما اسْتَعْلَى وما لَطُفَا

وأَمْتَري وَدْقَ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ بَرِدٍ

عَذْبٍ وأَرْشُفُ ثَغْراً قَطُّ ما رُشِفا

حتى حَسِبْتُ أنو شروانَ مِنْ خَوَلي

وخِلْتُ أَنَّ نَديمي عاشِرُ الخُلفا