إيه برناس هيكل الشعراء

إيهِ برناسُ هَيكَلُ الشُعَراءِ

وَمصلّى الكَهّانِ وَالأَنبِياءِ

لا دهاكَ الفَناءُ بَعد بَقاءٍ

خالِدٌ أَنتَ في ضَميرِ البَقاءِ

لا رَأى الدَهرُ غارَ رَأسِك يَذوي

بَعدَ هذا النضور هذا البَهاءِ

إِنَّ غاراً عَلى ذراكَ لمجدٌ

خَلَّدته نَوابِغُ القُدَماءِ

حكمَةٌ أَنتَ في الوُجودِ وَنورٌ

لِعقولِ الجَهّالِ وَالحُكَماءِ

سكبَ الفَجرُ في مَراشِفِها ال

حُمرِ رَحيقَ الخُلودِ لِلشُعَراءِ

إيه برناس وَالعَرائِسُ تَشدو

فيكَ أُغنيَّةَ الهَوى وَالرَجاءِ

سَكبَ الفَجرُ في مَراشِفِها ال

حمرِ رَحيقَ الخُلودِ لِلشُعراءِ

هَيكَلَ الفَنِّ وَالجَمالِ سَلامٌ

وَسَلامُ يا هَيكَلَ البُؤَساءِ

سَجد المَجدُ تَحتَ قَوسِكَ سكرا

نَ سجودَ الفَقيرِ لِلأَغنِياءِ

قُل لِأَبنائِكَ الَّذينَ اِستَمَدّوا

شُعلَةَ الوَحيِ مِنكَ كَالكَهرُباءِ

إِنَّما البُؤسُ في تُرابي ثَراءُ

فَرِدوا المَجدَ من بحارِ ثَرائي

وَدَعوا الغَيرَ يَبحَثونَ طَويلاً

في وُحولِ الغِنى عَن الإِثراءِ

فَلَكم من لَآلىء النور كَنزٌ

فَاِنثُروهُ على طَريقِ الإِباءِ

إِنَّما الشاعِرُ الحَقيقِيُّ قَلبٌ

ذابَ حُبّاً عَلى شُعاعِ الفِداءِ

هو روحُ من السَماءِ اِستَمَدَّت

حِكمَةَ الفَنِّ من دِماغِ السَماءِ

هو بانٍ يوَدّ تَقويضَ رُكنٍ

شَيَّدَته مَظالِمُ الزُعَماءِ

وَبناءُ العَلى عَلى ذلِكَ الرك

نِ وَتِلكَ الأَنقاضِ أَقوى بِناءِ

هوَ قيثارَهُ الشعور تُناجي

بِنَشيد الأَوتارِ سرَّ الضِياءِ

فَالضِياءُ الأَكيدُ في مقلَة الشا

عِرِ لا في النُجومِ أَو في ذُكاءِ

هو نسرٌ لهُ جناحا إِلهٍ

طائِرٌ في مَدينَةِ التعساءِ

ناثِرٌ دَمعَة العزاءِ عَلى الأَر

ضِ لتَشفي تَعاسَةَ الضُعَفاءِ

هو روح الخَليل في النجمَة الزه

راء تَمتَصُّ عُنصر الزَهراءِ

لتروّي بهِ الفُنون وَتحيي

مَيِّت الشِعر في عُروقِ الرُواءِ

أَي خَليلَ البِلادِ وَفَّيتَ قِسطاً

من فُروضٍ عَلَيكَ لِلعَلياءِ

فَاِشدُدِ العَزمَ لِلنجاء وَأَكمِل

ذلِكَ الشَوطُ يا رَبيبَ النجاءِ

ما تَرى في البِلادِ بَعد اِغتِرابٍ

أَسوى البُؤسِ وَالبَلى وَالشَقاءِ

إِنَّ صَدراً حنَوتَ طفلاً عَلَيهِ

لهوَ صَدرٌ مهشَّمُ الأَعضاءِ

كلَّ ما في البِلادِ أَمسى غَريباً

شَوَّهتَهُ مناكِلُ الغُرَباءِ

فَبلبنان أَيمُ المَجدِ ثَكلى

وَهيَ تَبكي مصيبَةَ الأَبناءِ

هيَ تَبكي الأُلى أَبادَهُم الظُل

مُ وَوارَتهُم يَدُ البَغضاءِ

بَرِئَت مِنهُم المَظالِمُ لكِن

أَنكَرَت أَنَّهُم مِن الأَبرِياءِ

شُهداءُ العلى قَضت وَبَقينا

في حَياةٍ كَثيرَةِ الأَدواءِ

إِن أَطَلَّت من كوَّةِ المَوتِ تبصر

نَزَواتِ الأَرواحِ في الأَحياءِ

يا قبوراً تربَّعَ الوَحيُ فيها

لَيسَ مَن فيكِ صائِراً لِلفَناءِ

كلّ جيلٍ يَجثو أَمامك بِالمَج

دِ وَيَرمي عَلَيكِ زهرَ البقاءِ

يا سَمير الأَبراجِ في مُنتَهى الأَج

واءِ ماذا في مُنتَهى الأَجواءِ

وَعَذارى الفَضاءِ ماذا أَسَرَّت

لَكَ لَمّا أَضَفتَها في الفَضاءِ

كلّ لَيلٍ تَزورُها فَتُناجي

كَ طَويلاً في خِدرِها المُتَنائي

كَيفَ فرجيل وَالمَعرّي وَهو

ميروس في ذلِكَ المَكان الهَوائي

طَرِبَت بِعَلبَكُّ بِالوَلد البَ

رِّ وَبشَّت لَهُ ثُغورُ الظِباءِ

وَأَطَلَّت من الهَياكِلِ سكرى

نَظَراتُ الكَهّانِ وَالأَنبِياءِ

وَجثا الشعرُ لِلَّصلاةِ جثّو ال

مُؤمِنينَ العُفاةَ وَالأُمَناءِ

يا نَديمُ الرُؤى عَلَيكَ سَلامٌ

وَسَلامٌ يا سَيِّدَ الشُعَراءِ