عذيرك من مستلهمين تصدروا

عَذيرُكَ مِن مُستَلهِمينَ تَصَدَّروا

مَحَطُّ القَوافي وَالرواءُ المُعَطَّرُ

وَلُبنانُ فَجرُ اللَهِ أَصدَقُ ما بِهِ

وَأَثبَتُ ما فيهِ الجَمالُ المُبَكِّرُ

وَمِن عَينِهِ نورٌ وَمِن قَلبِهِ هَوىً

فَرَبُّكَ في لُبنانَ يَهوى وَيَنظُرُ

وَلُبنانُ مِن عَدنٍ جَبينٌ وَمُهجَةٌ

جَرى كَوثَرٌ فيهِ وَأَزهَرَ عَبقَرُ

وَأَعذَبُ مَن غَنّى بِلُبنانَ بُلبُلٌ

عَلى شَفَتَيهِ قامَ لِلحُبِّ مِنبَرُ

يُنَثَّرُ مِن حُلقومِهِ ذَهَبُ الربى

وَلبنانُ أَغنى الأَرضِ نوراً وَأَهَرُ

وَأَكرَمُ مَن غَنّى بِلُبنانَ شاعِرٌ

عَرائِسُهُ دونَ القَواميسِ حُضَّرُ

يَضِنُّ عَلى جَرعى الكَرامَةِ عِزَّةً

وَيَمرَحُ في مَرعى الجَمالِ يُبذِّرُ

رَآني حَوارِيُّ القَريضِ فَقالَ لي

أَتاني هُدىً مِنهُ فَقُمتُ أُبَشِّرُ

أُعَلِّمُ عَشواءَ الهَوى كَيفَ تَهتَدي

وَمَن مُسَّ في أَعراقِهِ كَيفَ يَشعُرُ

وَقالَ لِيَ الأَجدادُ مِن مَسقَطِ العُلى

كَبِرنا بِهِ وَالفَضلُ بِالفَضلِ يَكبُرُ

وَأَولادُنا مُستَودَعٌ لِبُذورِنا

نُكَرَّمُ أَو نُخزى بِهِم حينَ نَبذُرُ

وَقالَت ليَ الفُصحى غَبَطتُ لِسانَهُ

فَمِن لَغوَةٍ لِلشِّعرِ هُذِّبَ عُنصُرُ

وَإِن ضاقَ هذا الشَعرُ وَهوَ مُحَرَّرٌ

فَما ضَرَّهُ إِنَّ الكَريمَ مُحَرَّرُ

نَما في مَجاري الشَمسِ عَذبُ بَيانِهِ

فَمَنطِقُهُ الفَورِيُّ كَالشَمسِ نَيِّرُ

وَمَرَّ بِهِ لُبنانُ أَخضَرَ كَالهَوى

فَإِلهامُهُ كَالحُبِّ رَيّانُ أَخضَرُ

أَمِن ساذِجِ الأَريافِ أَقبَلَ وادِعٌ

وَعَن بُلغاءِ العَصرِ قامَ يُكَفِّرُ

وَقالَ ليَ الباروكُ مرَّ بِشَعرِهِ

عَبيري فَمِسكٌ ما نَشَقتُ وَعَنبَرُ

زُلاليَ مَعقودٌ بِسُكَّرِ لَفظِهِ

وَطيبيَ مَعجونٌ عَلَيهِ مُخَمَّرُ

أَرانِيَ فيهِ فَالنَسيمُ نَقِيَّةٌ

مَعابِرُهُ وَالبُطمُ نَديانُ مُزهِرُ

وَلِلشّوفِ أَرواحٌ تَرُفُّ كَريمَةً

عَلى وَحيِهِ وَالوَحيُ لِلرّوحِ مَعبَرُ

وَفي كُلِّ مَرعىً ضَمَّهُ الشوفُ وائِلٌ

وَفي كُلِّ كوخٍ ضَمَّهُ الشوفُ جَعفَرُ

وَفي كلِّ مَفتولٍ إِباءٌ مُخَندَقٌ

وَفي كُلِّ مَكحولٍ عَفافٌ مُسَوَّرُ

وَقالَ أَبو سُعدى حَييتُ بِشِعرِهِ

كَأَنِّيَ فيهِ ما أَزالُ أُزَمجرُ

وَأَعجَبُ مِن لُبنانَ يَطرى جَبينُهُ

وَما كانَ إِلّا الحَقُّ فينا يُؤمَّرُ

وَنَحنُ مَواليدُ الجَمالِ وَجُندُهُ

فَما عِندَنا إِلّا الجَمالُ مُسَيطِرُ

وَإِن عَرِيَت مِن مَرمَرِ الأَمسِ دارَتي

فَفي الخُلُقِ المَوروثِ عاجٌ وَمَرمَرُ

تَعِبتَ وَلَم تَقنَط وَمِثلُكَ يُرتَجى

وَشِعرُكَ في الدُنيا الحمامُ المُطَيَّرُ

فَمِن جَبَلٍ وَعرٍ إِلى صَخرِ شاطيءٍ

وَمَن حَمَلَ الآمالَ لا يَتَكَسَّرُ