مر جنح من الظلام وقلبي

مَرَّ جُنحٌ مِنَ الظَلامِ وَقَلبي

لَم يَزَل يَستَمِرُّ في خَفَقانِه

وَهفا النَومُ عَن جُفوني فَروحي

في وُجودٍ ضَلَّ الهدى عَن مَكانه

أَنا في مُخدعٍ تَكادُ لَآها

تي تَسيلُ الدُموعُ من جدرانِه

ضَيِّقٍ مُظلِمٍ فَلَو أَقبَلَ النو

رُ إِلَيهِ لخافَ لَونَ دهانِه

وَأَمامي القَندنيل يَلمَعُ نوراً

فَإِخالُ الجَحيمَ في لَمَعانِه

وَأَراهُ يسآلني عَن شُجوني

لَو حباهُ الإِلهُ نطقَ لِسانِه

يشعُر القَلبُ من دَمي بِدَبيبٍ

كَدَبيبِ البُركانِ في هَيَجانِه

وَأَرى بَينَ إِصبَعيَّ لفافاً

تَتَلاشى أَعمارُنا كَدُخانه

ساهِرٌ في كَآبَتي وَحَبيبي

بِسَلامٍ يَنام عن أَشجانِه

فَبنان الرقاد تسكبُ سِحراً

وَتُذيبُ الأَحلامَ في أَجفانِه

أَنصفَ اللَيلُ ما لِقَلبي يُناجي

في سُكون الدُجى هَوى سكّانِه

مسَّهُ عارِضُ الجنونِ فَلَولا

أَضلُعي لاِستَطارَ عن جُثمانِه

أَسمَعُ اللَيلَ في الفَضاءِ يُغَنّي

وَحَفيفُ الأَوراقِ مِن أَلحانِه

تِلكَ أُنشودَةُ الحَياةِ يُغَنّي

ها لِسانُ الدُجى عَلى عيدانِه

وَأَرى ظُلمَةَ الدَجنَّةِ إِبلي

ساً نجومُ الفَضاءِ من أَعوانِه

موكبُ من عرائِس الجِنِّ يَمشي

لِلِقاءِ الشَيطانِ في إِيوانِه

هُم يَقولونَ ما بِهِ وَهواه

حسبُما يَبتَغي وَطوعُ بنانه

حينَ نادى جَنانُه رحمَةَ الحُ

بِّ اِستَجابَ الهَوى نِداءَ جَنانِه

إِي وَلكِن لَو يُدرِكونَ أُموراً

قَد رماها الفُؤاد في كِتمانِه

لَو هُمُ يَعلَمونَ ماذا يُقاسي

عاشِقٌ يستَجيرُ في لبنانِه

لَو دَرَوا أَنَّ في الطَبيعَة عَدلاً

قَطع الظُلمُ كَفَّتَي ميزانِه

لاِستَباحوا كُفرانَه وَاِستَحَلّوا

أَن يَظَلَّ الحَزينُ في كُفرانِه

رَبِّ عَفواً لَقَد فَقَدتُ شُعوري

فَشُعوري يَهيمُ في تيهانِه

كُن شَفيقاً عَلَيَّ وَاِرحَم فُؤادي

إِذ تَراهُ قَد ضَلَّ عَن إيمانِه

إِنَّ قَلبي مَأوىً لكُلِّ عَذابٍ

قَد أَواهُ الضَنا بِلا اِستِئذانِه

فَكَأَنّي وُجِدتُ في الكَون حَتّى

أَشربَ الكَأسَ مِن يَدي شيطانِه

يا صَديقي إِن شِئتَ تِبيانَ قَلبي

فَجَبيني يَنبيك عَن تبيانِه

رَسم القَلبُ طيفَه فيهِ فَاِنظُر

يَعرفون الكِتاب من عُنوانه

يا صَديقي أُنظُر لِبُستانِ عُمري

كَيفَ دَبَّ الذُيولُ في أُقحُوانِه

فَشَبابي أَخنَت عَلَيهِ صُروفٌ

أَفقَدَتهُ النضار من ريعانِه

صِرت في وِحدَتي أُخاطِب موسه

راشِفاً في الظَلامِ سِحرَ بَيانِه

كانَ مِثلي فَغَيَّبَ القَبرُ مِنهُ

جَسداً بالياً قُبَيلَ أَوانِه

شاعِرَ الدَمعِ هَل مِن الدَمعِ بدٌّ

في وُجودٍ أَلعينُ من غدرانِه

أَفعمَ الكَون بِالعَذابِ حَياتي

فَلِهذا تاقَت إِلى أَكفانِه