يا حياة ما عبثت فيها مليا

يا حياةً ما عبثتُ فيها ملياً

بل قضى الدهرُ ان اموتَ فتيا

كنتُ في روضةِ الشبابِ نباتاً

آخذاً في النمو شيئاً فشيا

ما كساهُ الربيعُ بالزهر حتى

قصفَ الموتُ منهُ عوداً طريا

فعلى العلم كلَّ يومٍ سلامٌ

من فقيدٍ بالعلم كان غذياً

وسلاماً من ظلمة القبر أُهدي

لأَحبَّاي بُكرةً وعشيا

همُ اصحابي الأُلى كنتُ معهم

في سرورٍ وكان عيشي هنياً

فقضى الدهرُ بيننا بشتاتٍ

ليتَ ذا الأمر لم يكن مقضيا

يا احبّايَ ان وفيتم بعهدي

فلَكَم بالعهودِ كنتُ وفيا

والدي يا رفاقُ شيخٌ ضعيفٌ

ما أَراهُ على المصابِ قويا

انجدوهُ بالصبرِ لطفاً عساكم

ان تسلُّوا حنانهُ الابويا

ولأمي أولوا العزاء وكونوا

بدلاً من فقيدها معنويا

كان قُربي سرورها فبماذا

بعد بعدي سرورها يتهيا

وأشقايَ لهف قلبي عليهم

كيف ذاقوا هذا الفراق الشقيا

نكبتهم حوادثُ الدهر حتى

لم تدع لعزاءِ نهجاً سويا

لستُ يا امِّ في ضريحي وحدي

بل أَراني معانقاً اخويا

ها هما يبسمان نحوي وذي

ايديهما للسلامِ مُدَّت إِليا

انتِ حمِّلتني سلاماً زرتمُ قبري

فامكثوا مدةً لديه بكيا

أرسلوا الدمع فوقهُ فهو يروي

لعظامي عنكم حديثاً شجيا

وازرعوا لي الصفصاف فوق ضريح

طالما كنت تحته اتفيا

فاصفرارُ الصفصاف يحلو لعيني

وكذا ظله يخفُّ عليا