نوستالجيا

غَدًا

إِذَا وَجَدَ الـمَنْفِيُّ تُرْبَتَهُ

وَزَادَ فِي عُمْرِهِ قَبْرًا؛ ليُثْبِتَهُ

وَصَكَّ بَابًا أَخِيرًا

ثُمَّ سَارَ إِلَى ضَوْءٍ أَخِيرٍ

وَأَلْقَى فِيهِ جُثَّتَهُ

“وَخَطَّ سَطْرًا أَخِيرًا

فِي الـهَوَى وَمَـحَا”

وَمَزَّقَ الكَاتِبُ الغَيْبِـيُّ

صَفْحَتَهُ

وَأَغْمَضَ القَلْبَ

وَانْفَضَّتْ مَلَامِـحُهُ

وَغَابَ حَتَّى اسْتَعَارَ اللَّيْلُ ظُلْمَتَهُ

وَمِثْلَ كُلِّ غَرِيبٍ

عَاشَ مُنْتَظِرًا

وَمَاتَ

يُكْمِلُ فِي النِّسْيَانِ غُرْبَتَهُ

تَذَكَّرِي أَنَّ طِفْلًا

مَرَّ فِي عَجَلٍ

وَشَدَّ مِنْ كُلِّ ضَوْضَاءٍ تَلَفُّتَهُ

لَـمْ يَنْتَبِهْ لِلْوَصَايَا

ضَلَّ وِجْهَتَهُ عَمْدًا

وَأَخْفَى عَن العَرَّافِ حَيْرَتَهُ

وَلَامَسَ الخَوْفَ فِي كُلِّ الجِهَاتِ

وَلَـمْ يَرْجِعْ مِن الخَوفِ

حَتَّى ضَمَّ وَحْشَتَهُ

وَشَكَّ فِي شَكِّهِ

أَنْ سَوْفَ يَقْتُلُهُ

وَقَدْرَ مَا أَمْسَكَ الإِيمَانَ أَفْلَتَهُ

بَكَى كَثِيرًا

وَلَـمْ تَـهْطِلْ عَلَيْهِ يَدٌ

وَحِينَ غَنَّى

هَـمَى جُرْحٌ وَأَسْكَتَهُ

تَذَكَّرِيهِ صَبِيًّا

ظَلَّ مُحْتَرِسًا بِأُمِّهِ

وَأَبًا لَـمْ يَخْذُلِ ابْنَتَهُ

لَـمْ يَعْصِ وَالِدَهُ إِلَّا لِرَحْمَتِهِ

لَهَدَّهُ الذَّنْبُ لَوْلَا أَنَّ رَحْمَتَهُ …

تَذَكَّرِيهِ

صَدِيقًا غَائِبًا نَسِيَ الطَّرِيقَ

لَكِنَّهُ لَـمْ يَنْسَ صُحْبَتَهُ

وَعَاشِقًا طَائِشًا

لَـمْ يَسْتَطِعْ مَعَهَا صَبْرَ النَّبِـيِّ

وَلَـمْ يَسْطِعْ نُبُوَّتَهُ

أَرَادَ كُلَّ نِسَاءِ الأَرْضِ فِي امْرَأَةٍ

وَلَـمْ يَـخُنْهَا

وَلَـمْ تَغْفِرْ خَطِيئَتَهُ

وَشَاعِرًا

رُغْمَ مَا يُخْفِيهِ مِنْ وَجَعٍ

لَـمْ يُبْدِ مِنْ دَمْعِهِ

إِلَّا قَصِيدَتَهُ

وَرَاحِلًا مَرَّةً أُخْرَى

كَعَادَتِهِ

وَعَائِدًا..

لَـمْ يَعُدْ يَـحْتَاجُ عَودَتَهُ