إليك بنفسي حين بعد حشاشة

إِلَيكَ بِنَفسي حينَ بَعدَ حُشاشَةٍ

رِكابَ طَريدٍ لا يَزالُ عَلى نَحبِ

طَواهُنَّ ما بَينَ الجِواءِ وَدومَةٍ

وَرُكبانُها طَيَّ البُرودِ مِنَ العَصبِ

عَلى شَدَنِيّاتٍ كَأَنَّ رُؤوسَها

فُؤوسٌ إِذا راحَت رَواجِفُ في نُصبِ

إِذا هِيَ بِالرَكبِ العِجالِ تَرَدَّفَت

نَحايِزَ ضَحّاكِ المَطالِعِ في النَقبِ

خَبَطنَ نِعالَ الجِلدِ حَتّى كَأَنَّها

شَراذيمُ في الأَرساغِ مِن خِرَقِ العُطبِ

إِلَيكَ تَعَرَّقنا الذُرى بِرِحالِها

وَكُلَّ قُتارٍ في سُلامى وَفي صُلبِ

أَضَرَّ بِها التِرحالُ حَتّى تَحَوَّلَت

مِنَ الأَينِ سوداً بَعدَ عيدِيَّةٍ صُهبِ

وَغيدٍ مِنَ الإِدلاجِ تَحسِبُ أَنَّهُم

سُقوا بِنتَ أَحوالٍ تُدارُ عَلى الشَربِ

تَميلُ بِهِم حيناً وَحيناً تُقيمُهُم

وَهُنَّ بِنا مِثلُ القِداحِ مِنَ القُضبِ

حَمَلنَ مِنَ الحاجاتِ كُلَّ ثَقيلَةٍ

إِلَيكَ عَلى فانٍ عَرائِكُها حُدبِ

إِلى خَيرِ مَأتىً يَطلُبُ الناسُ خَيرُهُ

إِلَيهِ مِنَ الآفاقِ مُجتَمَعُ الرَكبِ

إِلى بابِ مَن لَم نَأتِ نَطلُبُ غَيرَهُ

بِشَرقٍ مِنَ الأَرضِ الفَضاءِ وَلا غَربِ

إِلى حَيثُ مَدَّ المُلكُ أَطنابَ بَيتِهِ

عَلى اِبنِ أَبي الأَعياصِ في المَنزِلِ الرَحبِ

إِذا ما رَأَتهُ الأَرضَ ظَلَّت كَأَنَّها

تَزَعزَعُ تَستَحيِي الإِمامَ مِنَ الرُعبِ

دَعي الناسَ إِلّا اِبنِ الخَليفَةِ إِنَّهُ

مِنَ الناسِ إِن بَلَّغتِني أَرضَهُ حَسبي

وَلَيسَ بِلاقٍ مِثلَهُ الدَهرَ خائِفٌ

أَتاهُ عَلى ماءٍ يَسيرُ وَلا تُربِ

بِحَقِّ وَلِيٍّ بَينَ يوسُفَ عيصُهُ

وَبَينَ أَبي العاصي وَبَينَ أَبي حَربِ

يُشَدُّ بِهِ الإِسلامُ بَعدَ وَلِيِّهِ

أَبيهِ فَأَمسى الدينُ مُلتئِمََ الشَعبِ

قُرومٌ أَبو العاصي أَبوهُم كَأَنَّهُم

إِذا لَبِسوا صيدُ المُعَبَّدَةِ الجُربِ

وَصِيَّةَ ثاني اِثنَينِ بَعدَ مُحَمَّدٍ

ضِرابَ كِرامٍ غَيرَ عُزلٍ وَلا نُكبِ

عَمَدتُ بِنَفسي حينَ خِفتُ مَحيطَةً

إِلَيكَ وَمالي يا اِبنَ مَروانَ مِن ذَنبِ

إِلى المَعقَلِ المَفزوعِ مِن كُلِّ جانِبٍ

إِلَيهِ وَلِلغَيثِ المَغيثِ مِنَ الجَدبِ

شَفيتَ مِنَ الداءِ العِراقَ كَما شَفَت

يَدُ اللَهِ بِالفُرقانِ مِن مَرَضِ القَلبِ

هُوَ المُصطَفى بَعدَ الصَفِيَّينِ لِلهُدى

وَفي العيصِ مِن أَهلِ الخِلافَةِ وَالقُربِ

بِقَومٍ أَبو العاصي أَبوهُم سُيوفُهُم

مَعاقِلُ إِذ صارَ القِتالُ إِلى الضَربِ

رَأَيتُ بَني مَروانَ تَفسَحُ عَنهُمُ

سُيوفُهُمُ ضيقَ المَقامِ مِنَ الكَربِ

وَتَعرِفِ بِالأَبطالِ وَقعَ سُيوفِهِم

وَآثارَها مِن مُندَباتٍ وَمِن خَدبِ

وَعاوٍ عَوى حَتّى اِستَثارَ عُواؤُهُ

أَبا اِثنَينِ في عِرّيسِ مَأسَدَةٍ غُلبِ

أَما كانَ في قَيسِ بنِ عَيلانَ نابِحٌ

فَيَنبَحُ عَنهُم غَيرُ مُستَولَغٍ كَلبِ

وَكانَ لَهُم لَمّا عَوى الكَلبُ دونَهُم

جَريرٌ عَلَيهِم مِثلَ راغِيَةَ السَقبِ