حوارية بين الفراتين دارها

حَوارِيَّةٌ بَينَ الفُراتَينِ دارُها

لَها مَقعَدٌ عالٍ بَرودٌ هَواجِرُه

تَساقَطُ نَفسي إِثرَهُنَّ وَقَد بَدا

مِنَ الوَجدِ ما أُخفي وَصَدري مُخامِرُه

إِذا عَبرَةٌ وَرَّعتُها فَتَكَفكَفَت

قَليلاً جَرَت أُخرى بِدَمعٍ تُبادِرُه

فَلَو أَنَّ عَيناً مِن بُكاءٍ تَحَدَّرَت

دَماً كانَ دَمعي إِذ رِدائِيَ ساتِرُه

مَتى ما يَمُت عانيكِ يا لَيلِ تَعلَمي

مُصابَةَ ما يُسدي لِعانيكِ نائِرُه

تَرَي خَطَأً مِمّا اِئتَمَرتِ وَتَضمَني

جَريرَةُ مَولى لا يُغَمِّضُ ثائِرُه

فَلَم يَبقَ مِن عانيكِ إِلّا بَقِيَّةٌ

شَفاً كَجَناحِ النِسرِ مُرِّطَ سائِرُه

أَلا هَل لِلَيلى في الفِداءِ فَإِنَّني

أَرى رَهنَ لَيلى لا تُبالي أَواصِرُه

لَعَمري لَئِن أَصبَحتُ في السَيرِ قاصِداً

لَقَد كانَ يَحلو لي لِعَينِيَ جائِرُه

وَجَونٍ عَلَيهِ الجَصُّ فيهِ مَريضَةٌ

تَطَلَّعُ مِنهُ النَفسُ وَالمَوتُ حاضِرُه

حَليلَةُ ذي أَلفَينِ شَيخٍ يَرى لَها

كَثيرَ الَّذي يُعطى قَليلاً يُحاقِرُه

نَهى أَهلَهُ عَنها الَّذي يَعلَمونَهُ

إِلَيها وَزالَت عَن رَجاها ضَرائِرُه

أَتَيتُ لَها مِن مُختِلٍ كُنتُ أَدَّري

بِهِ الوَحشَ ما يُخشى عَلَيَّ عَواثِرُه

فَما زِلتُ حَتّى أَصعَدَتني حِبالُها

إِلَيها وَلَيلي قَد تَخامَصَ آخِرُه

فَلَمّا اِجتَمَعنا في العَلالِيَّ بَينَنا

ذَكِيٌّ أَتى مِن أَهلِ دارينَ تاجِرُه

نَقَعتُ غَليلَ النَفسِ إِلّا لُبانَةً

أَبَت مِن فُؤادي لَم تَرِمها ضَمائِرُه