لئن خرمت عني المنايا محمدا

لَئِن خَرَّمَت عَنّي المَنايا مُحَمَّداً

لَقَد كانَ أَفنى الأَوَّلينَ اِختِرامُها

فَتىً كانَ لا يُبلي الإِزارَ وَسَيفُهُ

بِهِ لِلمَوالي في التُرابِ اِنتِقامُها

فَتىً لَم يَكُن يُدعى فَتىً لَيسَ مِثلَهُ

إِذا الريحُ ساقَ الشَولَ شَلّاً جَهامُها

فَتىً كَشِهابِ اللَيلِ يَرفَعُ نارَهُ

إِذا النارُ أَخباها لِسارٍ ضِرامُها

وَكُنّا نَرى مِن غالِبٍ في مُحَمَّدٍ

خَلايِقَ يَعلو الفاعِلينَ جِسامُها

تَكَرُّمَهُ عَمّا يُعَيَّرُ وَالقِرى

إِذا السَنَةُ الحَمراءُ جَلَّحَ عامُها

وَكانَ حَياً لِلمُمحِلينَ وَعِصمَةً

إِذا السَنَةُ الشَهباءُ حَلَّ حَرامُها

وَقَد كانَ مِتعابَ المَطِيِّ عَلى الوَجا

وَبِالسَيفِ زادُ المُرمِلينَ اِعتِيامُها

وَما مِن فَتىً كُنّا نَبيعُ مُحَمَّداً

بِهِ حينَ تَعتَزُّ الأُمورُ عِظامُها

إِذا ما شِتاءُ المَحلِ أَمسى قَدِ اِرتَدى

بِمِثلِ سَحيقِ الأُرجُوانِ قِتامُها

أَقولُ إِذا قالوا وَكَم مِن قَبيلَةٍ

حَوالَيكَ لَم يُترَك عَلَيها سِنامُها

أَبى ذِكرَ سَوراتٍ إِذا حُلَّتِ الحُبى

وَعِندَ القِرى وَالأَرضُ بالٍ ثُمامُها

سَأَبكيكَ ماكانَت بِنَفسي حُشاشَةٌ

وَما دَبَّ فَوقَ الأَرضِ يَمشي أَنامُها

وَما لاحَ نَجمٌ في السَماءِ وَما دَعا

حَمامَةَ أَيكٍ فَوقَ ساقٍ حَمامُها

فَهَل تَرجِعُ النَفسَ الَّتي قَد تَفَرَّقَت

حَياةُ صَدىً تَحتَ القُبورِ عِظامُها

وَلَيسَ بِمَحبوسٍ عَنِ النَفسِ مُرسَلٌ

إِلَيها إِذا نَفسٌ أَتاها حِمامُها