ولما دنا رأس التي كنت خائفا

وَلَمّا دَنا رَأسُ الَّتي كُنتُ خائِفاً

وَكُنتُ أَرى فيها لِقاءَ لِزامِ

حَلَفتُ عَلى نَفسي لِأَجتَهِدَنَّها

عَلى حالِها مِن صِحَّةٍ وَسَقامِ

أَلا طالَ ما قَد بِتُّ يوضِعُ ناقَتي

أَبو الجِنِّ إِبليسٌ بِغَيرِ خِطامِ

يَظَلُّ يُمَنّيني عَلى الرَحلِ وارِكاً

يَكونُ وَرائي مَرَّةً وَأَمامي

يُبَشِّرُني أَن لَن أَموتَ وَأَنَّهُ

سَيُخلِدُني في جَنَّةٍ وَسَلامِ

فَقُلتُ لَهُ هَلّا أُخَيَّكَ أَخرَجَت

يَمينُكَ مِن خُضرِ البُحورِ طَوامِ

رَمَيتَ بِهِ في اليَمِّ لَمّا رَأَيتَهُ

كَفِرقَةِ طَودَي يَذبُلٍ وَشَمامِ

فَلَمّا تَلاقى فَوقَهُ المَوجَ طامِياً

نَكَصتَ وَلَم تَحتَل لَهُ بِمَرامِ

أَلَم تَأتِ أَهلَ الحِجرِ وَالحِجرُ أَهلُهُ

بِأَنعَمِ عَيشٍ في بُيوتِ رُخامِ

فَقُلتَ اِعقِروا هَذي اللَقوحَ فَإِنَّها

لَكُم أَو تُنيخوها لَقوحُ غَرامِ

فَلَمّا أَناخوها تَبَرَّأتَ مِنهُمُ

وَكُنتَ نَكوصاً عِندَ كُلِّ ذِمامِ

وَآدَمَ قَد أَخرَجتَهُ وَهوَ ساكِنٌ

وَزَوجَتَهُ مِن خَيرِ دارِ مُقامِ

وَأَقسَمتَ يا إِبليسُ أَنَّكَ ناصِحٌ

لَهُ وَلَها إِقسامَ غَيرِ إِثامِ

فَظَلّا يَخيطانِ الوِراقَ عَلَيهِما

بَأَيديهِما مِن أَكلِ شَرِّ طَعامِ

فَكَم مِن قُرونٍ قَد أَطاعوكَ أَصبَحوا

أَحاديثَ كانوا في ظِلالِ غَمامِ

وَما أَنتَ يا إِبليسُ بِالمَرءِ أَبتَغي

رِضاهُ وَلا يَقتادُني بِزِمامِ