مائت أنت ماذا دهاك لماذا

مَائِتٌ أَنْتَ؟ مَاذَا دَهَاكَ؟ لِمَاذَا

مُتَّ وَالعُمْرُ فِي أَوَانِ افْتِرَارِهْ

شَبَحُ المَوتِ مُرْعِبٌ يَبْعَثُ الهَولَ

وَيَصْبُو كُلٌّ إلَى إِدْبَارِهْ

كَيفَ أَحْبَبْتَهُ، وَمَاذَا تَصَبَّاكَ

فَأَسْرَعْتَ فِي اخْتِيَارِ جِوارِهْ

بَاسِمًا لاعْتِنَاقِهِ وَمَشَوقًا

لِلِقَاهُ وَمُوجِسًا مِنْ فِرَارِهْ

أَهِيَ الرُّوحُ فِيكَ جَازَتْ إِلَى حَدٍّ

تَكِلُّ العُقُولُ عَنْ إِظْهَارِهْ

أَمْ هُوَ الجِسْمُ ضَاقَ عَنْ ضَمِّ نَفْسٍ

حُرَّةٍ حَمَّلَتْهُ فَوْقَ اقْتِدَارِهْ

لَسْتَ مَيْتًا. بَلْ أَنْتَ حَيٌّ وَإِنْ أَلْقَى

عَلَيْكَ المَمَاتُ ظِلَّ اصْفِرَارِهْ

إِنَّمَا المَرْءُ خَالِدٌ بِالَّذِي يُبْقِيِه

فِي العَالَمِينَ مِنْ آثَارِهْ

كَمْ تُوارِي القُبُورُ حَيًّا وَكَمْ يَمْشِي

عَلَى الأَرْضِ مَيْتٌ لَمْ تُوارِهْ

إِنَّمَا القَبْرُ رَاحَةُ الجِسْمِ مِنْ

آلَامِهِ وَالفُؤادِ مِنْ أكْدَارِهْ

وَوُجُودُ الإِنْسَانِ فِي الكَوْنِ سِرٌّ

وَكَذَاكَ الْخُلُودِ مِنْ أَسْرَارِهْ

كَبِّرِي يَا قُبُورُ جَاءَكِ ضَيفٌ

هُوَ غَيْرُ الأَحْيَاءِ فِي أَطْوَارِهْ

يَذْهَبُ النَّاسُ مُرْغَمِينَ إِلَى القَبْر

وَقَدْ جَاءَ بِمِلْءِ اخْتِيِارِهْ

شَاعِرٌ لَا يَرَى الْحَيَاة سِوَى لَيْلٍ

بَهِيمُ والمَوْتُ مِنْ أَسْحَارِهْ

وَخَطِيبٌ أَلْقَى عَلَى مِنْبَرِ الْمَوتِ

دُرُوسًا كَبِيرَةً بِانْتِحَارِهْ

هَجَرَ العَيْشَ بِاحْتِقَارٍ وَهَلْ فِي العَيْشِ

شَيْءٌ يَدْعُو لِغَيْرِ احْتِقَارِهْ

كُلُّ مَا يحْتَوِيهِ هَمٌّ فَهَمٌّ

يِنْقَضِي بَينَ لَيْلِهِ وَنَهَارِهْ

إِنَّ عُمْرَ الشَّقَاءِ عُمْرٌ طَوِيلٌ

وَمُصِيبٌ مَنْ يَعْتَنِي بِاخْتِصَارِهْ

لَيْسَ عَارٌ فِي الانْتِحَارِ مشِينٌ

فهوَ خيرٌ مِنَ البَقَاءِ وَعَارِهْ

مَا دَعَوْتُ البيانَ حَتَّى عَصَانِي

مُذْ درى بانقطاعِ عمرِ هَزَارِهْ

يَا لَشعرِي يَرْثِي ضَيَاعَ قَوَافِيهِ

وَعودِي يَبْكِي عَلَى أَوْتَارِهْ!