بعد موتي

كفِّنوني بالورد والياسمينِ

واجلسوا عند هامتي في سكونِ

لا تضجّوا فوق السرير عويلاً

بل دعوني أنام ملءَ جفوني

لفحاتُ الصقيع تُثلج صدري

ولهاث الخريف يُندي جبيني

أنا في غفوةٍ، بدأت بها عُمْـ

ـري، وحقِّ البقاء، لا توقظوني

واندبوني بالصمت، أفجعَ ندبٍ

حسرةٌ حشرجت بقلب حزين

أحرقتْ لحنها وألظت صداها

واستحالت مجامرًا من حنين

هكذا كنت أُطعم الحب ذاتي

وأغني الضنى وأُخفي أنيني

هدأةُ الموت متعةٌ لخيالي

وانعتاقٌ لصبوتي وظنوني

يتجلَّى في الموت عمرٌ غويٌّ

هو سرّ الخلود بعد المنون

عبقُ النور خلف جفن الدراري

وصدى الله في نداء السنين

وردُ عرسي ضعوه فوق سريري

وبزهر الحقل النديّ اغمروني

إن شعرًا غنّيته في شبابي

هو للحب، للشذا، للفتون

يا رفاقي ويا أحبّةَ عمري

شيّدوا القبر في ظلال الغصون

ذلك الكرم كان مرتعَ أنسي

فاجعلوه قبرَ الغرام الدفين

لا تخافي أنا هناك على الرَّبْـ

ـوةِ وحدي، والحبُّ ملء جفوني

أتغنّى مع الطيور وأنسا

بُ عبيرًا، مع النسيم الحنون

فاذكريني إذا سمعتِ الشوادي

تتغنّى لربّها، واسمعيني