الله قد خلق الإنسان مرتسما

اللَه قد خلق الإنسان مرتسِماً

بشبهه وهو عين العاقل الفَهِمِ

وزان عنصرَه بالعقل فهو به

ملكٌ رَقِي في علومٍ أرفعَ الشيم

فالعقل شمسٌ ونور العلم منبثقٌ

منها ومنها ثمار الفضل فافتهم

أو إنه القوسُ فيه العلم منحصرٌ

كالسهم يُصمي معانيه ولم يُصَم

أو إنه صارمٌ في حرب هرطقةٍ

بحكمه الفصل بين اللاء والنَعَم

فالعلم كالحق موجودين من أزلٍ

والجهل كالإثم موصوفين بالعدم

من يَعدَم العلمَ يُظلِمْ عقلُهُ أبداً

حتى تراه شبيهَ الحال في النَعَم

كم من نفوسٍ غدت للَه مخلصةً

بالعلم في صفحة القرطاس والقلم

إن كان من ثَمْرةٍ رُمنا تألُّهنا

فالعلم أدنى إلى المطلوب من قِدَم

توقَّ يا من غدا بالعلم متصفاً

من شهوةٍ شوَّهت سلمانَ في الأمم

فيها فلاسفة اليونان قد جهلوا

فلم يُنِرهُم منيرُ العلم في الظلم

كُفَّت بصائرُهم منها فما انتزحوا

عنها فتشكو بَصيرتْهُم من السَقَم

باتوا وفي كل عضوٍ منهمُ خَللٌ

وكلِّ جارحةٍ ضربٌ من الألم

أضحيتُ أدعو بآرسطو وشيعتِه

وسينكا الفاضل المشهور بالحكم

فلم يجيبوا ونار العدل تلجمُهُم

إذ كان كلٌّ من الرشد الشديد عمي

فالنار تُسرِجُ فيهم زيتَ علمهمِ

للخزي لا لتُحلِّي كذْبَ خيرهمِ

هذي جهم ملأى من فلاسفةٍ

وخائفوا اللَه لم يَلووا على ضَرَم

فاحذر وكن عاملاً يا عالماً أبداً

توجَد عظيماً بملك اللَه ذي النعم

واسنِد إلى مريمٍ ما حزتَ من حكمٍ

فالفضل في غيرها في الناس لم يَقُم

لها السلامة في دار السلام على

رب السلام وفيها ملتقى السَلَم

لها عجائب لا تحصى مواقعُها

جليلة القدر والمقدار في الأمم

لها منازل في قلبي منازلها

مشيَّداتٌ على إسٍّ من الكرم

ترى القداسةَ في أعتاب قدرتها

ذكيةَ العَرف والأخلاق والشيم

إن تستجر بحمى أذيال سلطتِها

في موقف الدين تنجُ من أذى النِقم

كأنها الحصن تشتدُّ النفوس به

ما حصنُ بابلَ دع ما عاد للعدم

هي الصراط وباب اللَه مدخلُه

متى يجد بابَها الشيطان ينهزم

هي الشفيعة في الدارين فامض لها

إن لم تجدها فقل يا زلةَ القدم

قرت بها عين مدّاحٍ وخادمِها

إن لم تكوني له البنيانَ ينهدم