تمازج في قلبي الصبابة والشجو

تمازجَ في قلبي الصبابةُ والشجوُ

فها أنا لا أصحو وأنَّى ليَ الصحوُ

خلوت وقلبي بالهوى متشاغلٌ

فحسبُك قلبٌ يقتضي شغلَه الخلوُ

فأُخفي من البُرْحاء ناراً توقدت

فيَعلُنُ من آثار أنحائها النحو

على أنني في الحب والشوق ظالمٌ

لطيفٌ كثيفٌ بالنوى والهوى نِضو

وإني أرى التصريحَ خيراً من الكُنَى

وهل يُمكِنُ التمويهُ والمظهرُ السهو

فأُنشدُ بيتاً زان ميزانَه الهوى

بمريم في فن العروض هو البَأو

مذ استَدركت لكنَّ مدحي صفاتِها

ولا جَرَمٌ لا بدعَ أيضاً ولا غرو

فعزَّت وقد عزت بذا وتنزهت

من الغير حتى أذعن الحضر والبدو

فأين ملاكٌ صالحٌ أين شأوه

فأخَّره عن شأوها ذلك الشأو

عدا الأنبيا والرسلِ في شوط فضلها

فهيهاتِ أن يرقى إلى فضلها عَدْو

علت مذ غلت قدراً إلى قربِ ربها

فكانت له أمّاً فيا حبذا العُلْو

وقد زينتها في النساء بِكارةٌ

كما زين الأشجارَ في روضها السرو

أيا شادياً يَشتار حلوَ مديحها

أعد ذكرها يحلو لنا ذلك الحلو

ولا تذكرُنَّ الصفوَ فيها بغيرها

فلا خير في عيش إذا لم يكن صفو

ألا إن صفو الحب صنوانِ صَفونا

فهاتوا لها صِنواً وأنَّى لها صنو

تملكت يا عذراء مني جوارحي

فحبك لي في كل جارحةٍ جِزو

فلم يبقَ لي في الذاتِ عُضوٌ مقسَّمٌ

لغيرك بل كلي إلى كلكِ عُضو

وأزهو فتعروني لذكراك هزَّةٌ

كما اهتز غصنٌ ماس إذ هزه الزهو

محا عفوكم ذنبي إذا جئت طائعاً

ولو لم يكن ذنبٌ لما عُرف العفو