حبيب لنا بين الرموز يناقش

حبيبٌ لنا بين الرموز يناقشُ

كأن على وجْناته الحسنَ ناقشُ

تراءى لنا بدراً وقد كان كامناً

يواري سناه التمَّ في الليل غاطشُ

فأشرق شمساً يحجب النورَ نورُه

عيونُ الدراري عن سناه دواهش

له الرمز ثوبٌ دبَّجته نُبُوَّةٌ

أتتنا صُراحاً لم يدنِّسه راقش

فشيخٌ كطفلٍ مُبدَعٍ وهو مُبدِعٌ

وكم تاه في حَفر الذخيرة نابش

أتى يُنعشُ الثقلين باهي جَمالِه

ولكنه فينا نَعيشٌ وناعش

هُنالك عاش الناس في موت حبهم

ولو لم يمت ما كان في الناس عائش

فأحيا حشاشاتٍ لنا بحشيشةٍ

ذكيةِ أصلٍ لن تراها الحشائش

عليها الندى مستَقطراً من أَقاحها

ومن تحته خدٌّ له الورد خامش

فإن كنت مشتاقاً إليه فنادِه

إذا ما دهاك البين والدهرُ باطش

فلم يبق في العشاق قلبٌ متيمٌ

بذاك الهوى إلّا وأصماه رائش

هو الحب لا تُذهلك هندٌ وآلُها

فما دونه من آل هندٍ فواحش

فكل جمالٍ دون بدريْ مشوَّهٌ

عيونُهم عندي نَمَتها خفافش

فهل يبصروا جماله بكماله

مليّاً وهم قومٌ عوامٌ أخافش

وقد سرني ذاك النجيع مضرَّجاً

وأعجبني دمعٌ له وهو جاهش

فيا شوقُ لا تُثقِل عليه لأنه

رقيقٌ وهذا الشوق بالطبع حارش

كفى أمَّهُ الحسناء حسناً وأنها

هي البكر لا ما تدعيه الرواقش

هي المرضع العذراء والوصف مُغربٌ

ولو بَرقشَ المرموزَ عنها بَراقش

هو الرَّعْشَنُ المجهول أصلاً وحِرفَةً

فهل يصدقنَّ القولُ والقول راعش

فطوبى لأمٍّ وابنُها كان ميتاً

وما عاش حتى مات والموت ناعش

ولم ينهش التنينُ جسماً مسمَّماً

بأنيابه حتى رأى الموتَ ناهش

فهذا هو المبعوث من بعد موته

وذو الرأي لم يفهمه والرأي طائش