ما بين جفني والأحبة برزخ

ما بين جفني والأحبة برزخُ

سِنةُ الكرى فكأن ذلك فَرسَخُ

لو حزته لحظيت منه بمقلةٍ

حوراء تخلِسُ لحظهن وتسلخ

يا قلب ثق إن الحبيب مخيَّرٌ

سكناه عندك وهو نحوك يصرخ

مولىً نأى عن عرش سدّة ملكه

متنزّلاً ولعهده لا يَفسخ

قد جاءنا في فترةٍ من كفرنا

والعقل ساهٍ والعداة توبِّخ

وهو الإله المرتضَى والمرتجى

وابن الإله تواضعاً لا يشمخ

هذا يسوع ابن العليِّ وعزمه

قد قدَّ أعداه برمحٍ يَشدخ

قد مدَّ من فوق الصليب يمينه

وشمالُه بدمائه متلطِّخ

حتى إذا قَتل العداةَ بقلته

ولجنبه بالسمهرية يَزلَخ

قد ضمه الجدث الحديث بأمره

ولكل فعلٍ غايةٌ لا تُفسَخ

وبثالث الأيام قام بفعله

وبحكمه من غير قرنٍ ينفخ

متأيداً متسلطاً ومظفّراً

بعدوه فهو الهزبر الأشدخ

قد حط عن مرأى محياه الثرى

والشمس تَخنِسُ من ضياه وتُنسَخ

والكون أشرق يوم مغرب قبره

فاعجب لغربٍ صار شرقاً يَنضخ

نُجُبُ البشارة قد تراءت غارةً

تدعو وآدمُ بالبلاء موسَّخ

فارتاع آدم من بشارته التي

ما ظنها إذ بُحَّ مما يصرخ

فدعا بنيه الأنبيا والأوليا

لبشارةٍ منها نهاه يَزمَخ

شمس الهدى بزغت عليهم بغتةً

في بقعةٍ كانت لديهم تَزنَخ

فاللَه ربٌّ واحدٌ في ذاته

وبطبعه وله الخلائق تَرضخ

آبٌ وإبنٌ روح قدسٍ منهما

أقنومُه يرضاه من لا يَشمخ

فالإبن وافى منقذاً من مريمٍ

فخلاصنا منها يروق ويُطْبَخ

من ضاقت السبع السموات العلا

عنه ومريم فيه أرضٌ سَربَخ

أضحت به حُبلى بسرٍّ مُعجزٍ

بين الأنام وعرضُها لا يُلطَخ

فاعجب لنارٍ ضمَّها عُلَّيقَةٌ

لم تحترق وغصونها لا تُفضَخ

فاللَه نارٌ حل في أحشائها

وختومُها تبقى ولا تتوسَّخ

فلذاك خُصَّت بالمديح وإنما

بمديحها الشيطان حقّاً يُمسَخ

من كان يلهو بالملاهي راغباً

عن مدحها فهو الأصم الأصلخ

حبي لها يُهدي معاني وصفها

ويصوغها فالمدح عندي البرزخ