فاتحة

أنهضُ الآن من الكهفِ

ومن صمت الدروب الكالحةْ

من شقوق الأرض في بطن الصحارى المالحةْ

هذه الأرض التي أنثر أقماري

على عتم لياليها

وتكسو عريَها روحي

وفي وديانها أركض برياً

حصاناً لم يلامس ظهره السرج

ولم يرع سوى عشب الجبالْ

حافياً يركضُ

لم يشرب سوى ماء الينابيع

واصوات الطيور الصادحةْ

ويغني لغزالات الشمالْ

ولظبيات الجنوب السارحةْ

في عيون الشجر الذابلِ

شاهدتك يا وطني النازف. في دمع الأغاني

وسكاكين اللصوص الذابحة

فقرأنا الفاتحة

أنا

والأشجار

والريح

قرأنا الفاتحةْ

إنما الحمد لن يحمل للبلوط قلباً ثانياً في صدرِهِ

ولمن يجعل ماء النهر دمعاً في الوريدْ

إنما الحمد لمن لا ينحني للريح

من يجعل حبَّ الأرض إن تاهت به الأمواجُ

مرساه الوحيدْ

أيها الطالعُ من حزن الصبايا

ودموع الأمهاتِ

نحن أن شح على قنديلك الزيتُ.

سكبنا دمنا فيه ليجلو الظلماتِ

فكن الفاتح أبواب النهارِ

وكن السيف الذي يحرس احلامَ الصغارِ

وكن الفارسَ

والعاشقَ

واجعل عشبنا ناراً إذا مرت به خيلُ الغزاةِ