يا عمد البيت

(إلى ولدي محمد)

لصوتكَ،

حين تنادي عليّ

من الباب: بابا

حنينٌ تهشُّ له الروح

يملؤني نشوةً وخدرْ

وحين تُلَوِّحُ لي بالوداعِ صباحاً،

تُلَوِّحُ فيَّ الضلوع

وأمضي وكلّي حنينٌ إليكَ،

أنا عشتُ يا قمري كل عمري بغير قمرْ

فمُدَّ يديكَ وكن لي

المدى

والندى

والنظرْ

وغسِّلْ بصوتِكَ

بالكركرات، غباري

وعَمِّر إذا طوّحتني الرياحُ العتيّةُ داري

**

تشردتُ في كلِّ أرضٍ

فكن لي المقامَ

وكن لي البلدْ

ويا عمدَ البيتِ لا كان بيتٌ

إذا لم تكن أنتَ فيه العمدْ

ويا ولدي جعتُ لكنني

ما مددتُ يدي

وطأطأَ غيري

وما قلتُ للخبزِ يا سيّدي

فغمّسْ إذا جعتَ يا ولدي

بالإباء رغيفَكْ

ونم مع وحوشِ البراري

ولا تجعلِ الذلَّ يوماً مضيفَكْ

**

ويا ولدي سوف أمضي

فكن أملي في الحياة الذي أرتجيهْ

وإن أودت الريحُ بي

دُقَّ وشمي

فأجملُ شيءٍ على هذه الأرض

أن يحملَ المرءُ وشمَ أبيهْ

ويا ولدي

تحت هذا التراب

وجوه الأحباء غابت

فما اخضرّت الأرضُ إلا

لأن الوجوهَ الحبيبةَ صارت نباتا

وما عاشت الأرضُ إلا

لأنهمُ وهبوها الحياةَ

فعشْ سندَ الفقراء

وكن لليتامى أباً طيّباً

وكن للعطاشى فراتا

**

وشرِّعْ إلى الناس بابكَ يا ابني

وأوقد لهم آخرَ الليل نارَكْ

وأولم لضيفكَ

وارفق بجارِكْ

وإن ولّتِ الخيلُ مدبرةً

عن غبار المعارِكْ

فعمّدْ ترابَ بلادكَ بالدمِ

لستُ أباكَ إذا لم تمتْ دون دارِكْ