لبست من الدهر ثوبا قشيبا

لبستُ من الدهرِ ثوباً قشيبا

ورحتُ بكفَّيه منه سليبا

وأصبح كلِّي له مقتلاً

فحيثُ رمى كانَ سهماً مصيبا

رماني بصمَّاء توهي القوى

وقالَ إليك توقَّ الخطوبا

فشأنك ما بعد أمِّ الخطوب

بقلبي تحدثُ وسماً غريبا

وقائلةٍ قد أصابَ الحمام

سواك وذلك قلبي أصيبا

فنهنه من الوجدِ ما قد يعيبُ

وكفكفْ من العينِ دمعاً سكوبا

فقلتُ وقلبي أنفاسه

من الوجد توري بصدري لهيبا

ألائمتي إن أصيب المزاد

بما فيه لا بدَّ من أن يصوبا

أطيلي العويلَ معي والنحيبا

وإلاّ دعيني أُقاسي الكروبا

خذي اليوم عنِّي جميل العزاء

فقد ملأ الوجدُ قلبي وجيبا

أتأملُ نفسي إذن ليتها

أُصيبت بسهمِ الردى أن تطيبا

وبالأمس قد وسَّدت خدَّه

ترابُ القبور فأمسى تريبا

ويا صاحبيَّ قفا بي عليه

نعطّ القلوب أسًى لا الجيوبا

واعقر قلبي لدى قبره

بسيف الشجا لا جياداً ونيبا

وانضح من دم قلبي عليه

جفوني دماً ليس دمعاً مشوبا

وادعوه وهو وراء الصعيد

وإن كنت أعلم أن لن يجيبا

أغصناً ولم أجنِ منه الثمارَ

جنته يدُ الموت غصناً رطيبا

ونجماً له أشرقتْ مقلتاي

بغربهما يوم أبدى غروبا

عجبت وما زالَ هذا الزمانُ

يريني في كلِّ يومٍ عجيبا

تموتُ فتحرم شمَّ النسيم

وأحيا أشمُّ الصبا والجنوبا

وتنزل في موحش مجدبٍ

وأنزل ربعاً أنيساً خصيبا

وتسكنُ أنت بضيق اللحود

وأسكن هذا الفضاءَ الرحيبا

كفاني بهذا جوًى ما بقيتُ

يجدد في القلب جرحاً رغيبا