هل يطربنك يا زمان نعائي

هل يطربنَّك يا زمان نعائي

أم أنكَ استعذبتَ بكائي

في كلِّ يومٍ منك ألقى شدَّةً

ولأنت يوماً شدَّةٍ ورخاءِ

لا زلت ملحمَ غارة الأرزاءِ

أو حاشداً جيشاً من النكباءِ

حتَّى أصبتَ صميمَ قلبي بغتةً

وطرقتني بفجيعةٍ صمَّاءِ

لم تُبقِ لي جلداً وكنتُ أخالني

جلِداً بكلِّ ملمَّةٍ دهياءِ

ومعنفٍ طرب المسامعِ ما رمى

عينيه صرفُ الدهر بالأقذاءِ

قد لامني وحشاه بين ضلوعه

والأرضُ مطبقةٌ على أحشائي

أمعيبَ حزني لو ملكت تجلدي

ما بتُّ أمزجُ أدمعي ببكائي

أبنيَّ لو خُلِعَ البقاءُ على امرئ

لخلعتُ من شغفٍ عليك بقائي

مُغفٍ قد امتلأت ردًى بدل الكرى

عيناك فاقدَ لذَّة الإِغفاءِ

داءٌ ترحَّل فيكَ عنِّي معقبٌ

في مهجتي للوجدِ أقتل داءِ

لهفي عليكَ بكلِّ حينٍ أبتغي

فيه لقاكَ ولاتَ حين لقاءِ

ولئن حُجبتَ بحيث أنت من الثرى

عن ناظريَّ فأنت في أحشائي

قرُبتْ بك الذكرى وفيك نأى الردى

نفسي فداؤك من قريبٍ ناءِ

لو متُّ من أسفي عليك فلم يكن

عجباً ولكنَّ العجيب بقائي

لا زالَ قبرٌ ضمَّ جسمك تربُه

متنسِّماً بلطائم الأنداءِ

ولئن أبت حيث استقلَّ بك الردى

أن تستهلَّ حوافلُ الأنواءِ

فحدت إليك على البعاد مدامعي

غيثاً جنوبُ تنفّس الصعداءِ