رؤية

(1)

يجنُّ خرابي

أيا ساحلَ الوردِ هلاّ أفقتَ على مبحرٍ ، لاتطاولُ كفاهُ عنقَ السواحلِ ، إذ تتلظى مياهٌ ويشتعلُ الأرجوانُ بشوق المناديلِ نازفةً للقاء الشفاهِ ، وحين يدبُّ دبيبُ المواعيدِ في نرجسِ العاشقين ….

يجنُّ خرابي

أرى نجمةً فوق صاريةٍ لا تضيء الطريق إلى مرفأٍ ثملٍ ، وأرى نجمةً في الفنارِ تخبئ ظلَّ قراصنةٍ وتُضلُّ المراكبَ ، تلكَ بغايا البحارِ وهذي بقايا سنين ….

يجنُّ خرابي

أدرْ دفّةَ الحزنِ نحو القرارِ ،

أدرْ دفّةَ العمقِ نحو السماءِ ،

فما بينها يا بن ماجد نأمنُ شرَّ الزوابع ،

إنا رسوْنا على ذنبِ اليأسِ ، يفضحنا رأسهُ هل ترى أن في الأفقِ شيئاً يلوحُ

سوى عثرةِ القادمين ….

(2)

ا يصحو جنوني

يمتدُّ العالمُ … يمتدُّ

وكلما يمتدّ يكون قابلاً للقسمةِ أو التشظي

وأنتَ المقسومُ أو المقصومُ

هكذا قالتِ الأرضُ

وهكذا تحججتِ السماءُ

حينما أزهرَ السباخُ في أرضِ الله .

ب يروقُ خرابي

أيتها الوعولُ الشاردةُ من سهامِ الصيادين

إلى أين تسعين ؟

أيتها الأنهارُ العائدةُ الى منابعها والمحتفظةُ بتقاليدها العريقةِ

أين هو المجرى ؟

لا شيءَ

سوى قبضِ ريح

قالتِ الكفُّ العذراء

حينما لم ترَ في راحتها سوى سلاّمياتٍ لا تصلحُ لإمساكِ طيورِ الفطنة

(3)

لم يعدْ لي إلهٌ

لأدعوه يوماً لمأدبةٍ

فلعلهُ يلعنُ ساعةَ سكرٍ

رمتْ هذهِ الكأسَ في حانةٍ شربتْ دمنا ،

ويغيضُ بها الخمرُ عن أعينِ الشاربين ..

لم يكنْ لي أبٌ

لأقولَ لأحفادهِ أن يخطّوا على مرقدي

( هو ذا ما جناهُ عليْ )

هي ذي صرخةُ الطفلِ

هذا الذي به بشرتمُ الأرضَ مبتهجين ..

لم يعدْ لي وطنْ

لأقولَ لهُ : كن شبيهي

لكي يشنقوكَ كما شنقوا الأولين ..

لم يكنْ لي مدار

لأقولَ لأرضي : قفي

واسائلُ أثداءَ نجمةِ عشقيَ :

مَنْ تُرضعين ..؟

(4)

 لم يبقَ لي خراب

لأقولَ : تلكَ سلالةُ الأطلالُ فينا ،

قد أتى زمنٌ عليكَ ترى سفينتكَ الخطيئةَ ،

هذهِ الأرضُ التي عشقتْ دمانا ،

تطلبُ القربانَ رأسَ نبي.

فخذْ يا نوحُ كلَّ رجولةٍ فينا

فمَنْ نبكيهِ

غيرَ سفينةٍ طللٍ

وخلٍّ قد وفى العهدا ؟