ترى ربه البهم الفرار عشية

تَرى رَبَّهُ البَهم الفِرارَ عَشِيّةً

إِذا ما عدا في بَهمِها وَهوَ ضائِعُ

فَقامَت تَعُسُّ ساعةً ما تُطيقُها

مِنَ الدَّهرِ نامَتها الكِلابُ الظَّوالِعُ

رأَتهُ فَشَكَّت وَهوَ أَطحَلُ مائِلٌ

إِلى الأَرضِ مَثنيٌّ إِلَيهِ الأَكارِعُ

طَوي البَطنِ إِلا مِن مَصيرٍ يبلُّه

دَمُ الجَوف أَو سؤرٌ مِنَ الحَوضِ ناقِعُ

هوَ البَعِلُ الدَّاني مِنَ النّاسِ كالَّذي

لَهُ صُحبَةٌ وَهوَ العَدوُّ المُنازِعُ

تَرى طَرَفيهِ يَعسِلان كِلاهُما

كَما اهتَزَّ عودُ الساسَمِ المُتَتايعُ

إِذا خافَ جَوراً مِن عَدو رَمَت بِهِ

مَخالِبُهُ والجانِبُ المُتواسِعُ

وإِن باتَ وَحشاً لَيلَةً لَم يَضِق بِها

ذِراعاً وَلَم يُصبِح لَها وَهوَ خاضِعُ

وَيَسري لِساعاتٍ مِنَ اللَّيلِ قَرَّةٍ

يَهابُ السُّرى فيها المَخاضُ النَّوازِعُ

إِذا احتلّ حِضنَي بَلدَةٍ طُرّ مِنهُما

لأُخرى خَفيَّ الشَّخصِ لِلريحِ تابِعُ

وإِن حَذِرت أَرضٌ عَليهِ فإِنَّهُ

بغرة أُخرى طيِّبُ النَّفسِ قانِعُ

إِذا نالَ من بَهمِ البَخيلَةِ غِرَّةً

عَلى غَفلةٍ مِمّا يَرى وَهوَ طالِعُ

تَلومُ وَلَو كانَ ابنها فَرِحَت بِهِ

إِذا هَبَّ أَرواحُ الشِّتاءِ الزَّعازِعُ

وَنِمتَ كَنَومِ الفَهدِ عَن ذي حَفيظَةٍ

أَكلتَ طَعاماً دونَهُ وَهوَ جائِعُ

يَنامُ بإِحدى مُقلَتيهِ وَيتّقي

بأُخرى الأَعادي فَهوَ يَقظانُ هاجِعُ

إِذا قام أَلقى بوعَه قدرَ طولِهِ

وَمدَّد مِنهُ صُلبَه وَهوَ بائِعُ

وَفكّكَ لحَييهِ فَلمّا تَعادَيا

صَأَى ثُمَ أَقعى والبِلادُ بلاقِعُ

فَظلّ يُراعي الجَيشَ حَتّى تَغَيَّبت

خُباشٌ وَحالَت دونَهُنَّ الأَجارِعُ

إِذا ما غَدا يَوماً رأَيت غَيايَةً

مِنَ الطَّير يَنظُرنَ الَّذي هُوَ صانِعُ

فَهَمَّ بأَمرٍ ثُمَ أَزمَعَ غَيرَهُ

وإِن ضاقَ أَمرٌ مَرةً فَهوَ واسِعُ