نأت أم عمرو فالفؤاد مشوق

نأَت أُم عَمروٍ فالفؤادُ مَشوقُ

يَحنّ إِلَيها والِهاً وَيَتوقُ

عَفا الربع بَينَ الأَبرَقَينِ وَدَعدَعَت

بِهِ حَرجَفٌ تَزفي البَرى وَتَسوقُ

إِذا يَومُ نَحسٍ هَبَّ ريحاً كَسَونَهُ

ذُرى عَقداتٍ تُربهنَّ دَقيقُ

وأَسجحَ يَسمو في نشاصٍ جرت بِهِ

رَوائِحُ في أَعناقِهِنَّ بُسوق

سَبأن نُحوضاً والسِّبالَ كأَنَّما

يُنَشَّرُ ريطٌ بَينَهُنَّ صَفيقُ

فَغادَرنَ مسوّد الرمادِ كأَنَّهُ

حَصى إِثمَدٍ بَينَ الصَّلاءِ سَحيقُ

وَسُفعا ثَوين العامَ والعامَ قَبلَهُ

عَلى مَوقِدٍ ما بَينَهُنَّ دَقيقُ

وَمن نَسفِ أَقدامِ الوليدين في الثَّرى

رُسومٌ تَرى عليتها فسوق

أَلا طَرَقَت صَحبي عَميرةُ إِنَّها

لَنا بِالمروراةِ المُطِلِّ طَروق

بِمَثوىً حَرامٍ والمَطيُّ كأَنَّهُ

قَناً مُسنَدٌ هَبَّت لَهُنَّ خَريقُ

تَرود مَدى أَرسانِها ثُم تَرعوي

عَوارِفَ في أَصلابِهنَّ عَتيقُ

حُرِمن القِرى إِلا رَجيعاً تَعلَّلت

بِهِ عَرِصاتٌ لحمهنَّ مَشيقُ

بِداويَّةٍ قَفرٍ تَرودُ نِعاجُها

أَجارِعَ لَم يَسمَع لَهُنَّ نَغيقُ

أَقمنَ ثَلاثاً بِالمُحصَّبِ مِن مِنىً

وَكلٌّ إِلى ماءِ الحِساء يَتوقُ

فَلمّا قَضينَ النُّسكَ مِن كُل مَشعَرٍ

خَرَجنَ عَجالى وَقعهنَّ رَشيقُ

فَجِئتُ بِحَبلَيها فَرَدَّت مَخافةً

إِلى النَّفسِ رَوعاءُ الجَنانِ فَروقُ

فَخَفَّضتها مِنّي بِقَولٍ فَراجَعَت

هَماهم مِنها بَينَهُنَّ خُروقُ

عُلاةٌ كأَنَّ الثول يشرفُ فَوقَها

إِذا ضَمَّها جَوزُ الفَلاةِ فَنيقُ

جَهولٌ كأَنَّ الجَهلَ مِنها سَجيةٌ

غَشمشمةٌ لِلقائِدينَ رَهوقُ

فَراحَت كما راحَت بتَرجِ موقفٍ

مِنَ الرُّبدِ بَدَّاءُ اليَدينِ مَروقُ

تَعادى يَداها بالنَّجاءِ وَرِجلُها

أَبوضُ النَّسا بِالمَنسِمَينِ خَسوقُ

وأَظمى كقُلب السَّوذقانيِّ نازَعَت

بِكفّيَّ فتلاءُ الذِّراعِ نَغوقُ

تباري جِلالاً ذا جَديلَين يَنتَحي

أساهيَّ مِنها هِزةٌ وَعَفيقُ

فَكانَ لِنَجديِّ الرِّياحِ كأَنَّهُ

أَخو كُربَةٍ داني الإِسارِ طَليقُ

وَراحت تَعالى بِالرِّحالِ كأَنَّها

تَعالى بِجَنبي نَخلَةٍ وَسَلوقِ

فَما تَمَّ ظِمءُ الرَّكبِ حَتّى تَضَمَّنَت

سَوابِقُها مِن شَمطَتينِ حُلوقُ

أَرَتهُ ظِلالَ المَوتِ عَجلى كأَنَّها

مواشِكَةٌ رجعَ الجَناح خَفوقُ

من الرقطِ راحَت عَن ثَلاثٍ فَعجّلَت

لَهُنَّ دَرورُ المَنكِبينِ ذَليقُ

فَما لَحِقَ العيرانَ حَتّى تَلاحَقَت

جِمالٌ تَسامى في البُرِينَ وَنوقُ

إِذا القَومُ قالوا وِردُهُنَّ ضُحى غَدٍ

تَواهقنَ حَتّى وِردهن طُروقُ

وَقُلتُ لِعبدِ اللَّهِ يَومَ لَقيتُه

وَقَد حانَ مِن شَمسِ النَّهارِ خُفوقُ

سَقى السَّرحَةَ المِحلالَ والأَبطَحَ الَّذي

بِهِ الشَّريُ غَيثٌ مُدجِنٌ وَبُروقُ

بِأَبطَحَ رابٍ كُلَّ عامٍ يَمُدّهُ

عَلى الحَولِ عَرّاص الغمامِ دَفوقُ

فَما ذَهبت عرضاً وَلا فوقَ طولِها

مِن السَّرحِ إِلا عَشَّةٌ وَسُحوقُ

تَنَوَّطَ فيها دُخَّلُ الصَّيفِ بِالضُّحى

ذُرى هَدَباتٍ فِرعهُنَّ وَريقُ

عَلا النَّبتُ حَتّى طالَ أَفنانُها العُلا

وَفي الماء أَصلٌ ثابِتٌ وَعُروقُ

فَيا طيبَ رَيّاها وَيا بَردَ ظِلِّها

إِذا حانَ من حامي النَّهارِ ودوقُ

وَهَل أَنا إِن عَللتُ نَفسي بِسَرحَةٍ

مِنَ السَّرحِ مَسدودٌ عَلى طريقُ

حمى ظلَّها شكسُ الخَليقَةِ خائفٌ

عَليها غرامَ الطائِفين شَفيقُ

فَلا الظِلّ مِنها بِالضُّحى تَستَطيعَهُ

وَلا الفيءَ مِنها بِالعشي تَذوقُ

وَما وَجدُ مشتاقٍ أصيبَ فؤادُهُ

أَخي شَهَواتٍ بِالعِناقِ نَسيقُ

بأَكثرَ مِن وَجدي عَلى ظِلِّ سَرحَةٍ

مِنَ السَّرحِ إِذ أَضحى عَليَّ رَفيقُ

وَلَولا وِصالٌ مِن عُميرة لَم أَكُن

لأَصرِمَها إِني إِذن لَطَليقُ

أَبى اللَّهُ أَلا أَنَّ سرحةَ مالِكٍ

عَلى كُلِّ أَفنانِ العِضاهِ تَروقُ

إِذا اضطَمَّ ميتاءُ الطَّريقِ عَليهِما

مَضَت قُدماً مَوجَ الجِبال زَهوقُ

رَدَدنَ رَجيعَ الفَرثِ حتّى كأَنَّهُ

حَصى إِثمَدٍ بَينَ الصَّلاءِ سَحيقُ