يعيب علي الراح من لو يذوقها

يعيب عليّ الراحَ من لو يذوقها

لجُنَّ بها حتى يغيّبَ في القبر

فدعها أو امدحها فإنّا نحبُّها

صراحاً كما أغراكَ ربّك بالهجرِ

علام تذمّ الراح والراح كاسمها

تريح الفتى من همه آخر الدهر

فلمني فإنّ اللوم فيها يزيدني

غراماً بها إن الملامةَ قد تغري

وباللَه أولي صادقاً لو شربتها

لأقصرتَ عن عذلي وملت إلى عذري

وإن شئت جرّبها وذقها عتيقة

لها أرجٌ كالمسك محمودة الخبر

فإن أنت لم تخلع عذارك فالحني

وقل لي لحاك اللَه من عاجز غمر

وقبلت ما قد لامني في اصطباحها

وفي شربها بدرٌ فأعرضت عن بدر

وحاسيتها قوماً كأنّ وجوههم

دنانير في الأواء والزمن النكر

فدعني من التعذال فيها فإنني

خلقت أبيّا لا ألين على القسر

أجود وأعطي المنفسات تبَرُّعاً

وأُغلي بها عند اليسارة والعسر

وأشربها حتى أخرّ مجدلاً

معتّقةً صهباء طيّبة النشر

ولولا النهى لم أصح ما عشت ساعةً

ولكنني نهنهت نفسي عن الهجر

فقَصّرت عنها بعد طول لجاجة

وحبّ لها في سر أمري وفي الجهر

وحقّ لمثلي أن يكفّ عن الخنى

ويقصر عن بعض الغوايةِ والنكرِ