يا أيها الخل الذي لم ينسني

يا أَيُّها الخِلُّ الَّذي لَم يَنسَني

ما دُمتَ مَوجوداً لَدَيهِ يَراني

وَإِذا بَعُدَت هَنيهَةً عَن وَجهِهِ

جَرَتِ العَوائِدُ أَنَّهُ يَنساني

أَنّي لَأَعجَبُ مِن صُدودِكَ وَالجَفا

هَل بَعدَ ذاكَ الحُبُّ مِن سَلوانِ

كَم مِن وُعودٍ ما وَفَيتُ بِبَعضِها

فَحَمَّلتُها حِرصاً عَلى النِسيانِ

لَأُنَزِّهَنَّكَ عَن تَقَصُّدِ جَفوَةٍ

إِنَّ الجَفاءَ قَطيعَةُ الخِلّانِ

هَل بَينَ عُرقوبَ وَبَينَكَ نِسبَةٌ

حاشاكَ عَن زورٍ وَعَن بُهتانِ

قَولاً بِلا فِعلٍ وَلَيتَكَ لَم تَكُن

لِتَزيدُهُ بِمَغلَظِ الأَيمانِ

فَاِحفَظ زِمامَ مَقالَةٍ إِن قُتَلها

وَاِحذِر فَدَوتُكَ كَبوَةَ الفُرسانِ

وَاِهمِز جَوادَ عَزيمَةٍ أَمضَيتُها

وَاِشخَص إِلى مَعَ البَريدِ الثاني

أَو ما عَلِمتُ بِوَحدَتي وَبِحاجَتي

لَكَ دائِماً يا صَفوَةَ الخِلّانِ

فَإِذا حَضَرتَ فَأَنتَ أَفضَلُ قادِمٍ

عِندي وَأَنتَ أَجَلُ مَن يَلقاني

إِلّا إِذا كانَ غُلاماً أَهيَفا

ساجي اللَواحِظِ ناعِسُ الأَجفانِ

ظَبياً بَديعَ الشَكلِ مَعسولَ اللَمعي

لا يُستهانُ بِطَرفِهِ الوَسنانِ

ذا وَجنَةٍ حَمرا وَقَد أَسمَرَ

يَسبي النُهى بِجَمالِهِ الفَتّانِ

الرَدفُ يُقعِدُهُ وَيَجذِبُ خَصرَهُ

فِعلُ القُوى مَعَ الضَعيفِ الفاني

وَمَنِ الَّذي ما مَيَّلَتهُ يَدُ الهَوى

إِنَّ الهَوى لَيَميلُ بِالحيطانِ

هَذاكَ أَنتَ فَقَد مَدَّدتَ مِنَ الخَطا

مُتَوَسِّعاً في حَلبَةِ المَيدانِ

وَغَدَوتَ في عِلمِ الهَوى مُتَفَنِّنا

تَستَتبِعُ الأَشياخَ بِالصِبيانِ

مِن أَيِّ جِنسٍ لا تَخلي واحِداً

لا مُسلِماً تَبقى وَلا نَصراني

أَمّا اليَهودَ فَهُم أَوائِلُ صَيدِهِ

وَلَكُم لَهُ خَرّوا عَلى الأَذقانِ

وَمِنَ البَلِيَّةِ أَنَّهُ مُستَحسِنٌ

لِلخَلقِ كُلُّهُم عَدا النِسوانِ

إِن كانَ ذا ذَقنٌ يَقولُ مَعذِرُ

أَمّا الحَليقَ فَاِمرُدِ المِردانِ

وَإِذا الضَرورَةِ أَحوَجَت يا حَبَّذا

فَالكُلُّ ذو خَرقٍ وَذو جُثمانِ

نِعمَ الظَواهِرِ هَكَذا وَلَعَلَّهُ

كَمَليحَةٍ رَقَصَت بِلا أَردانِ

قُلنا لَئِن تَكُنِ الحَقيقَةُ هَكَذا

فَالعُذرُ أَقبَحَ جَنبُ ذَنبِ الجاني

لَكِن مُرادي بِالَّذي قَد قُلتُهُ

أَنّي أَراهُ عَلى القَطيعَةِ باني

مُتَحَيِّزاً في رَبعِهِ مُتَشاغِلاً

بِذَوي المِلاحَةِ عَن لِقا الإِخوانِ

يا راحِلاً يَبغيهِ بَلَغَ شَخصُهُ

عَنّي السَلامُ وَبَثُّهُ أَشجاني

وَاِشرَح لَهُ إِن شِئتَ بَعضَ قَضِيَّتي

فَلَعَلَّهُ يَسلو عَنِ الهِجرانِ

ماذا وَإِلّا لِلكَلامِ بَقِيَّةٌ

وَسَيقَلِبُ المَوضوعَ قَلباً ثاني

فَهوَ المُخَيَّرُ في القُبولِ وَرَفضُهُ

وَالصُلحُ أَحسَنَ ما يَرى الخَصمانِ