الهؤلاء

مَوْتـَى..

ومَوْتـَى..

ومَوْتـَى..

أينَ تضطجعُ

أقسى مِن الموتِ..

أنَّ الأرضَ لا تسعُ

وأنَّ نهرا نبيًّا أهدروا دمَه

وصارَ يرجمُه الإيمانُ والورعُ

وأنْ تقيمَ على الأوراقِ مشنقة ً

لأربعين شهيدا فيكَ تجتمعُ

مُؤرِّخا حُزنَ هذي الأرضِ

مُنتصبا..

كرايةٍ من دمٍ في التيهِ ترتفعُ

ومصرُ..نـَرْدُ اغترابٍ في يَدَيْكَ

فهَلْ..

عَنْ قاتلٍ وقتيلٍ فيكَ تقترعُ

مِنْ أربعينَ انكسارا

تبتني وطنا

ولمْ يعدْ نيلـُكَ المهزومُ ينخدعُ

انظرْ..فقد شابَ طفلُ الماءِ مِنْ زمنٍ

فليسَ بالدُّمْيَةِ الحمقاءِ ينتفعُ

الأبجديَّةُ أكفانٌ مُهيَّأة ٌ

والنيلُ..

في الإخوةِ الأعداءِ يندلعُ

فادْعُ القصيدَ لموتٍ ما يليقُ بهِ

فليسَ في الورقِ الأوطانُ تـُخْتـَرَعُ

آمنتُ بالدِّمِ

لوَّثتُ القصيدَ به

ولم أعدْ في مرايا الغيبِ أطَّلعُ

يكفي لكي أنزعَ المكْياجَ عن لغتي

دمٌ شهيدٌ..

وشعبٌ نازفٌ وَجِعُ

لا بيعة ٌللقوافي الآنَ في عُنقي

مذ توَّجتـْني جراحي

صِرْتُ أُتـَّبَعُ

هذي الدروبُ الحزانـَى

عَرْشُ مَمْلكتي

والعابرونَ رصيفَ الدمعِ لي شِيَعُ

الشاهرونَ مسيحا في مواجعِهم

وكلما صُلبوا في حُزنِهمْ سطعُوا

الهامشيُّونَ..

نبْتُ الأرضِ صدَّقـَهَمْ

فاخْضَوْضروا في صحارَى الروحِ

واقتنعوا

قلوبُهمْ..مزهريَّاتٌ مُحطـَّمة ٌ

لكنـَّها..من شقوقِ الحزنِ تلتمعُ

الهؤلاءِ ( ولاد الإيه )

بَسْمَتـُهم..

تكفي لفلسفةِ الإحزانِ إنْ وَجِعُوا

لمَّا احترقتُ بخورا

في مواجعِهم

وكنتُ منديلَ صبرٍ كلمَّا دَمِعوا

رأيتُ أرضا..

تـُوارِي فيَّ غُربتـَها

فلمْ أجدْ وطنا إلايَ يتـَّسعُ

وشكـَّلتْ بي مرايا النيلِ أوجهَها

فلم نَزَلْ نمَّحِي فيها وننصَدِعُ

نمشي بغيرِ وجوهٍ

عكسَ وجهتِنا

كأنَّ أشباهَ مَوْتى مَسَّهَم فزعُ

ومِصْرُ..

مِنْ جِلـْدِنا المشقوقِ

مِنْ دمِنا

ومِنْ (نشيدِ بلادي) الآنَ تـُنتزَعُ

كنخلةٍ..في جنوبِ الروح مُغمَدَةٍ

فكيف..

إلا بهذي الروحِ تـُقتـَلـَعُ.