لوحة اكتملت

الريحُ تُولدُ في غيابِ الأصدقاءِ على زجاجِ نوافذ الشجن

الريح تُولد فجأة.. فتمسُّ روحي شوكةٌ أو وردةٌ أو سنبله

أو جثةٌ مفصولةٌ عن رأسها بالمقصله

فوضى تؤرقني فأقرأ سورة المحن

لغةُ الدموعِ تشفُّ عن رؤيا تطوقني

تتوافدُ الأنغامُ كالأطيافِ في الأجواء أدعوها فتحملني

تنأى عن الصحراءِ.. عن جبروتها الوحشي

عن حارسٍ ليلي

متأهب بالسوطِ يجلد عاشقاً قد أَبصرَا

يا ويله.. في هذه الصحراء لا عينٌ تَرى

لا نجمة تُهدي الضياء لمن يسير بلا اهتداء

في هذه الصحراء أشباحٌ يحركها طغاه

وبقلبها الحجريِّ تدفنُ بالأكاذيب الهواء

وبسيفها الوثنيِّ تذبح فرحة الأنهارِ كي تلغي الحياةَ من الحياه!.

 

اللوحةُ اختلجتْ: مواويلُ العناء تشفُّ عن طول اغتراب

والبوم تحرس ظلَّه أسوارُ سجنٍ شاهقه

ووجوهُ من عشقوا ومن يتعذبون ومن تناسوا العشق من هول العذاب

يترقبون الآن ميلاد الرعود الصاعقه

اللوحةُ احتدمتْ: خيولُ النار تصهل في المدى والنار تضرُب موعَدا

لا بد من ريح تدمدمُ.. تكنس الأرضَ الخراب

لا بد من مطرٍ.. فقد طالَ التشوقُ والغياب

لا بد من شجرٍ يؤسسُ حلمَه رغم المعاول والمطارق والمُدَى

ومع الضبابِ على زجاج نوافذِ الشجنِ

لم تكتب الريحُ القصيدةَ رغم ما في القلب من شوقٍ إلي جني الثمار

لكنها بغموضها ووضوحها تتشكلُ

لتزيحَ مملكة الغبار

وتصيح: فلتكتبْ قصيدتَكَ التي تهفو لها وتهللُ

تسطو الطواويسُ المزخرفةُ الثيابِ على قواميسِ السماء

لكنها تخشى من الناي

الذي يبدو أساه مرصعاً بالكبرياء

اللوحةُ اكتملتْ.. وفاضت أغنياتُ الخصبِ بالألوان تمتزِجُ

لتطير من أرضٍ إلى أخرى ومن زمنٍ إلي زمنِ

فلترحل الفوضى التي كانت تؤرقني

ولتشرق الرؤيا التي ظلت تطوقني

الآنَ.. ينهضُ عاشقٌ والقلبُ مبتهجُ.