أجابه مذ دعا بتر ومران

أجابَهُ مُذْ دَعَا بُتْرٌ ومُرَّانُ

والسَّعْدُ والنَّصْرُ بالأفراسِ تِيْجَانُ

قد جاءَ يَسْحبُ أذيالَ الدُروعِ ضحى

إلى الوغى وهو عَنْدَ الطَعْنِ غَضْبانُ

هذا سعيدُ بن سلطان الذي سَجَدَتْ

لهُ منَ الخَصْمِ هاماتٌ وأذْقَانُ

ذَمْرٌ تَخَافُ العِدا من فَتْكِ صارِمه

كما يَخَافْ شِهابَ القَذْفِ شَيْطانُ

إنْ هَزَّ فوقَ المذاكي كَعْبَ حَرْبَتِهِ

تَنَافَرَتْ منْهُ شُجْعانٌ وأقْرَانُ

قَنَاته تَنْثَنِي سَكْرانةً عَلَقَا

كما تَمَايَل في بُرْدَيْهِ نَشْوانُ

خافتْ نجومُ السَما مِنهُ وبانَ لها

نَحْوَ المَغَاربِ إخْفَاءٌ وطَيْرَانُ

تَهَزْهَزَتْ مِنْهُ أرضُ اللهِ خائِفَةً

إذا اعتلى مِنْهُ في الهَيْجاءِ هَيْجانُ

أسيافُهُ الحُمْرُ في الهاماتِ مُغْمَدَةٌ

لها في الضَرْبِ اسْجاعٌ وألْحانُ

وخَيْلُهُ بِعَجَاجِ الحَرْبِ مُدْرَعةٌ

كأنَّهُنَّ على الآفاقِ عُقْبانُ

وللنجيعِ احمرارٌ في سَنَابكِها

لها على الفَلكِ الدَوَّارِ دَوْرَانُ

كأن رايتهُ من حِينِ ما حُمِلَتْ

نَحْوَ القِتَالِ بها للفَتْحِ عُنوانُ

تسيرُ من تحتِها الجُلاّءُ حاسرةً

وُجُوهُهم والمواضي فَهْي سِيَّانُ

عِصَابَةٌ رَقَلوا في المَجْدِ واعْتَصِمُوا

بِحَبْلِ خَالقِهم طُرَّاً وما خَانُوا

أميرُهم سيّدٌ فاق الورى شَرَفاً

قد مات من اسمِه شِرْكٌ وطُغْيانُ

ولو نَبِيّ بهذا الدَّهْرِ قِيْلَ لنا

يأتي فَفِيْهِ دَلالات وبُرهانُ

مِنْ عَدْلِهِ في الرَّعايا تَرْقُصَنَّ على

أيدي الأجنةِ حَيّاتٌ وَغِيلانُ

هذا فتى من ميادين العُلا رقلت

به الرماكُ ولم يَغْلِبْها مَيْدانُ

قالَ القوابلُ قولاً عندَ مولدِهِ

هذا أميرٌ ومِطْعَامٌ ومِطْعانُ

هذا هو المَدْرَةُ السامي الذي اجتمعت

ببطن

مَلْك تَكَفَّل أرزاقَ العيالِ وقَدْ

عَمَّ الخلائِقَ من كَفَّيه إحسانُ

لولاه ما عُرِفَ الجدوى ولا ذُكِرتْ

بالجود طيّ ولا بالفخْرِ قَحْطانُ

ولو زُهَيْرٌ بِهذا العَصْرِ ما مُدِحَتْ

بنَظْمِ أشْعارِهِ عَبْسٌ وذُبْيانُ

فَصيحُ قَوْلٍ ولا في النُطقِ شاكلَهُ

بما يَفُوهُ به قُسّ وسَحْبَانُ

لو كانَ في سالفِ الاعصارِ مستوياً

فلم يكن للأولى اسمٌ ولا كانوا

وقد تُساعِده الأقدارُ راغبةً

فيما يحاولُ والأفلاكُ أعْوانُ

يُدَبِّرُ المُلْكَ تَدْبيراً متى ظَهَرَتْ

من الأعادي مكيداتٌ وعِصيْانُ

أذاقَهم ضَرْبُ أسيافٍ يَدِبُّ على

مُتُونِها النَّمْلُ لم تُمْسِكْها أجفانُ

تَفَرَّقُوا مِثْلَ أغْنامٍ يَذُودُ بها

في سَرْحِها بفَيافي القَفْرِ سِرْحانُ

صاروا طعامَ سباعٍ والطيورِ معاً

ولم تَبِنْ لَهُمُ أمْعَا وجُثْمَانُ

وليسَ يَنْفَعُهم خيلٌ ولا سَلَبٌ

عَنْهُ ولم يحْمِهم حِصْن وبُنْيانُ

وهم مُحِقُّون إذا أفْعالهم قَبُحتْ

وقد أحاطَ بهم ذُلّ ونُقْصانُ

وما دَرَوا أن هاذ فَوْقَهم مَلِكٌ

في كَفِّهِ الدَّهْرُ مَقْبوضٌ وحَيْرانُ

دُمْ يا أميرَ الورى بالعزِّ مُنفَرِداً

وأنتَ فينا مدى الأزمانِ سُلْطانُ