إن الليالي والأيام أطراق

إن اللياليَ والأيامَ أطراق

ولا يدومُ لها عَهْدٌ وَمِيثَاقُ

تَبْتَزُّنا حَيْثُ لا ندري وتَسْلُبُنا

أرواحَنا ولها سَلْبٌ واطلاقُ

والبينُ أعظمُ غولاً من غوائلها

في إثْرِنا وهو نَعَّابٌ ونَعَّاقُ

يَنُوْشُنا الدَّهرُ أعواقاً بأكبِدِنا

وبانَ للبينِ أعواقٌ وأعواقُ

لما فَقْدنا فتى العلمِ هِمَّتُه

وفي الفصاحةِ والآثارِ سَبَّاقُ

هذا سعيدُ الذي بانَتْ مَعَالِمُه

سليلُ ثانيَ مِطْعانَ ومِنْفَاقُ

متى سرى لضريحٍ وهو مُنْفِرِدٌ

بَكَتْ لِفُقْدانهِ صُحْفٌ وأوْرَاقُ

كادتْ تميدُ بيَ الدُّنيا متى زُعِجت

نوقُ الفراقِ لها حادٍ وسَوَّاقُ

كأنَّ خَرَّ عليَّ السَّقْفُ مُرْتَمياً

لمّا على قَبْرِهِ الجُلاّءُ تَنْساقُ

حَثَوا عليهِ تُراباً أبيضاً يَقَقَاً

من نُورِهِ وَهُمُ صرعى فما فاقوا

ووالدي كان دُنيائي وآخرتي

حواه لَحد من الدَّقْعَاءِ مِضْيَاقُ

يُفيدني بعلومٍ كنتُ جاهلَها

من علمِهِ وهو ليَ بَرّ وَشفّاقُ

عليهِ خضرُ ثيابٍ مِ التُقى قُشُبٌ

والكُتْبُ في جِيده سِمْطٌ وأطْوَاقُ

لو قسمت للورى طُرّاً رزيته

ذابوا غَراماً وهم للصبر ما طاقوا

شَلَّتْ يَمِينُ العُلا من حين ميتَتهِ

وطُلَ للمجد أبصارٌ وأحداقُ

وقد ذوى كلُّ ما في الأرضِ من شَجَرٍ

وقد سَفَحْنَ لضُمَ الصَّخْرِ آماقُ

والشمس كاسفة والشهب آفلة

والبدر ليس له نور وإشراقُ

والأفُقُ مُظْلِمٌ والبيداءُ موحشةٌ

والخَلْقُ أدمُعها بالسُّكبِ مهراقُ

لكنَّ صبراً فما في الموتِ من عَتَب

نذوق ما أنبياءُ اللهِ قد ذاقوا

ولا تُخَلَّدُ أجساهُ الورى أبَدَاً

وليس يبقى من الأرواحِ أرْمَاقُ