رومانسية

غيومٌ بيضاء تطفو في براكيني

 

وتصحو سنابل الموسيقا

 

على ملامح أزرق الحلم

 

ينفض ماء التراب عن قلبي…

 

وجيوشُ الأسماكِ تتكاثرُ

 

وتغيبُ في مياه شفتيّ

 

هذه الأرضُ تشمَخُ

 

 

وهذا الغصنُ الورديُّ يقتربُ مني كالسراب

 

وعصافيرُ الريح تزفرُ شَوقها لجنوني….

 

واسمُكَ واسمي حفَرتْهُما إيقاع الغجريات

 

 

على قُربَةِ ماءٍ أفريقيّة ….

 

هيّا اركُض أيُّها الماءُ العذْبُ

 

 فوقَ حَصى دموعي الجريئة

 

وحينَ يطغى القُرمزيُّ المسوَدُّ فوق ليلِ الطبيعةِ

 

أجِدُ نفسي زرافةً أو تمساحاً

 

 أُتْقِنُ فرَحَ الصُّراخ

 

في غاباتِك!! ….

 

فياجيوشَ الإوَزِّ في غاباتِ السّافانا ،

 

تَطايَري في روحي

 

واضربي دمي بخفقاتِ أجنحتِك…

 

البشرُ يُمْسونَ ويُصبِحونَ

 

والأوطانُ تخبو في دِماءِ الشّفَقْ

 

ارحلي إذن أيَّتُها الزرافات

 

حينَ القمرُ يُعلِنُ وضوءَهُ الأزَلي

 

في صلَواتِ الحبّ! ..

 

    *       *         *

الجَبَلُ المسوَدُّ حِبرٌ على ورقِ الفضاءِ الأحمَر

 

حيثُ الشَّمْسُ تعزِفُ سِرَّ البقاءْ…

 

أَمْشي فوقَ موسيقا الرِّمالِ ،

 

 رمال موسيقاك…

 

وأطَأُ أرض الغَرابةِ والسِّحر

 

ثمَّ أطيرُ في ذُرى الضَّباب …

 

 ضباب ذُراكْ..

 

هذا الغَيمُ الجامِحُ البياضِ

 

في كوّةِ الجبلِ الأسوَدِ ،

 

غُرْبَتي

 

        تُشْرِقُ في البعيد …

 

وهذا الرِّذاذُ الـمتطايرُ في داخلي وخارِجي،

 

شلاّلاتُ بَوحي وحنيني إليك !!….

 

   *        *         *

أيَّتُها  النّوارسُ كَفاكِ صُراخاً

 

وأنتِ أيَّتُها الفقماتُ المحتشِدة،

 

والأسماك البيضاء

 

خُذيني معكِ إلى أعمق محيط…

 

وأنتِ أيتها البطّاتُ المُرَقّشة

 

فوقَ مياهِ جنوني،

 

اسْبَحي ولا تُخيفيني

 

 كَعينين صَفراوَين لِبومَةٍ مُدْهِشة! …

 

وأنتِ أيّتها الثعالِب الأنيقة،

 

كفاكِ مكراً! ..

 

يعودُ الثلجُ أيتها الطبيعة التي تسكنني

 

لتتلوّى الدّببة القطبيّة البيضاء

 

وتتعانَقَ في قِتالِها! …

 

فَمَن يأكُلُ الثّلجَ مِثلي؟! ..

 

ومَن يشرب موسيقى الطبيعة مثلي،

 

يذوب في آثار الإله الأبدية…

 

       *         *          *

الماءُ يغلي في تراب الأرض

 

ثمة بركانٌ تصحو فيه الآهُ مثلي

 

ويتصاعَد البخار الكثيفُ ثم يهدأ

 

فوق شواطئ الروح…

 

هذه المياهُ تجمّدتْ ثم ذابت وبدأت بالخرير

 

أنتَ ربيعي تهذي من حمّى الطبيعة

 

وشقائق النعمان تنبثق كورود قلوبنا العاشقة!..

 

       *         *             *

البرق أيتها السماء

 

يُشتِّتُ السحاب

 

والليلُ يستيقظُ فينا …

 

وللبحر أن يحملَ جبال الثلج فوق ظهره

 

ويحملَ زورق أوراقنا المبعثرة ..

 

وللبطريق أن يتراكضَ فوق جسر الثلج

 

بين سواد جبلين

 

يحضنه من الأسفل نهر دمنا ..

 

وتهوي قباب الثلج

 

فوق نهر أحرفنا الزرقاء

 

ثم تذوب في قاع لهيبها ..

 

أيتها الفقمات ،

 

كفاكِ تثاؤباً وتشمُّساً

 

فوق شواطئ عيني

 

هيّا اسبحي كغواصاتٍ حديثة! …

 

هيّا أمواج الزمن،

 

تلاطَمي فوق عمري!

 

أيتها الحيتان .. لاتقتربي

 

أيتها الببغاوات

 

 أُهدي آخر أحرف قصائدي طعاماً لكِ

 

    *          *        *

 

وأرحلُ إلى الصحراء

 

بعد تلاطم أنامل البحار في دمي

 

وأمشي فوق التجاعيد الرملية

 

كلُّ شيءٍ يختلفُ إلاّ السماء …

 

وأعودُ إلى الصّخَب

 

حيثُ الشّلاّلُ محمومٌ

 

 بخيوطه المتداخلة فيكَ

 

وحيثُ بخارهُ يتشكّلُ كالغيمِ

 

في شفتيكَ ! …

 

هذا الجَريانُ الأزليُّ يسبق تلافيف عمري

 

ويحضن شهقات قوس قزح

 

النازفةِ في شراييننا! ..

 

وأمشي …

 

فوق الماءِ أمشي

 

والبنفسجيُّ الأزرقُ يلبسني

 

وقامات الأشجار المحيطةِ بمياهي

 

تُحَيّيني ..

 

يا قامات الأشجار الحانية

 

هذه الجبال المخملية ،

 

تُلهيني عن مُصافحتِك!

 

تمدُّ أعناقها المُدبّبةَ البنيّة

 

غريبةً لاتشبهُ إلاّ ذاتَها

 

أيتها السّحليةُ الخضراء

 

والفراشات البيضاء والسوداءُ والصفراء

 

والزنبقاتُ الحمراءُ والبرتقالية .. والدُلفى

 

أيتها النوارسُ البيضاء المحلّقة

 

كقصيدةٍ لاتهدأ أحلامها ..

 

 وتصعقُ بجموحها ،

 

عانقيني في طَيَراني الغريب

 

 إلى الغريب!!…

 

حيثُ النخيل يُغْري الموجَ بعنق الزرافةِ

 

وجدائل الصغيرات! …

 

    *      *       *

 

لماذا تتجعّدُ الصخورُ كجلدِ شيخٍ عجوز؟!

 

وَمَن الذي أيقظَ الأحمَرَ

 

في قاماتِ الجبال؟

 

وكيف تلتفُّ على ذاتِها

 

كعباءاتِ النساء العربيات

 

وكيفَ تمَعجَنتِ الخيوط فوق الهضاب

 

كالشّعور الطويلةِ الطويلة

 

 للنّساء الحالمات؟!..

 

* * *

ترتعِشُ روحي الصّغيرة

 

حين يُعانقني الكونُ فيكَ

 

ونقرأ معاً ،

 

نبضَ الإله في بعض أسرارهِ الأزليةْ !