أبل خير الملوك من ألمه

أَبَلّ خَيرُ المُلوكِ مِن أَلَمِه

وَصَحَّ جِسمُ الزَمانِ مِن سَقَمِه

لا العِزُّ أَمسى قَفرَ الجَنابِ وَلا المُل

كُ غَدا مائِلاً عَلى دَعَمِه

إِن غابَ في قَصرِه فَلا عَجَبٌ

مَغيبُ لَيثِ العَرينِ في أَجَمِه

قَد تَكمُنُ الشَمسُ في الغَمامِ وَقَد

يَحتَجِبُ الصُبحُ في دُجى ضلَمِه

ثالِمٌ ما زَرى الأَميرَ وَفَخرُ السَي

فِ ما في ظُباهُ مِن ثُلَمِه

صَحَّ فَصَحَّ النَدى وَقامَ بِهِ

رُكنُ العُلا بَعدَ رَجفِ مُدَّعَمِه

كَأَنَّما المَجدُ باتَ مُمتَزِجاً

بلَحمِه طِيبُ لَحمِهِ وَدَمِه

وَتَحتَ مُلقى نجادِه مَلِكٌ

أَمسَت مُلوكُ الزَمانِ مِن خَدَمِه

إِن تَلقَه تَلقَ مِنهُ كَنفَ نَدىً

يُبري نَداهُ العَديمَ مِن عَدَمِه

يَملا يَدَي جارِهِ وَيَمنَعُهُ

كَأَنَّما جارُهُ أَخو حُرَمِه

أَمَّنَ أَهلَ البِلادِ قاطِبَة

كَأَنَّ أَهلَ البِلادِ في حَرَمِه

كُلُّ جَوادٍ تَجُودُ راحَتُهُ

يَجودُ مِن جُودِهِ وَمِن كَرَمِه

لا تَحمَدِ العُشبَ في مَنابِتِهِ

وَاحمَد غَماماً سَقاه مِن دِيَمِه

شَيَّد بِالمُرهَفَين مُنذَ نَشا

مَجدَينِ مِن سَيفِهِ وَمِن قَلَمِه

يَحتَقِرُ النائِلَ الجَسيمَ وَيَس

تَصغِرُ قَدرَ العَظيمِ مِن عِظَمِه

كَالجَبَلِ الشاهِقِ الهِضاب إِذا

أَشرَفتَ مِن رُعنِهِ عَلى أَكَمِه

لا يُفسِدُ الوَعدَ بِالمِطالِ وَلا

يُخِلُّ عَقدَ الوَفاءِ مِن ذِمَمِه

يُقسِمُ مَن قالَ لا شَبيهَ لَهُ

يَمينَ بَرِّ اليَمينِ مِن قَسَمِه

أَكرَمُ مَن في زَمانِهِ وَأَعفُّ ال

خَلقِ مِن عُربِهِ وَمِن عَجَمِه

يُنهِلُ مِن فَضلِهِ وَنائِلِهِ

ثَناءَ نَبتِ الحَيا عَلى رِهَمِه

وَيُصدِرُ العِيسَ غَيرَ ظامِئَةٍ

عَن مَورِدٍ بارِدِ النَدى شَبِمِه

مُعطَّراتِ الرِحالِ قَد عَبِقَت

بِالمِسكِ مَما يُفَتّ في خِيَمِه

يَأرِجُ في الحَزنِ مِن حَقائِبها

ما فاحَ مِن رَندِهِ وَمِن نَشَمِه

يَقولُ صَحبي وَقَد كُسِيَت بِالن

نورِ غُبرُ الفِجاجِ مِن أُمَمِه

هَذا جَنابُ المُعِزِّ لاحَ لَنا

قَد رُفِعَت نارُه عَلى عَلَمِه

فَقُلتُ سِيروا فَإِنَّه مَلِكٌ

يَضيقُ وُسعُ الزَمانِ عَن هممِه

كَأَنَّ ريحَ الصَبا إِذا نَفَحَت

تَنفَحُ مِن خُلقِهِ وَمِن شِيَمِه

كَأَنَّما ماتَ أَحمَدٌ وَغَدا

مُخلِفَهُ بِالجَميلِ في أُمَمِه

وَأَبلَجٌ مِثلُ الصَباحِ رُؤيَتُهُ

تَشفي حَليفَ السَقامِ مِن سَقَمِه

مُلتَزِمٌ بِالجَميلِ يَفعَلُهُ

وَغَيرُهُ باتَ غَيرَ مُلتَزِمِه

يُفديهِ في الدَهرِ كُلُّ ذي صَعَرٍ

مَن لا يُساوي الشِراكِ في قَدَمِه

تَراهُ لا يَطلُبُ العَلاءَ وَلا

يَبرَحُ عَبداً لِفَرجِهِ وَفَمِه

يُعرِضُ عَن ضَيفِهِ وَيُعجِبُهُ

ما زادَ في ذَودِهِ وَفي غَنَمِه

ما شافَ شَوفَ المُعِزِّ ناظِرُهُ

وَلا اِهتَدى أَن يَسِيرَ في لَقَمِه

مُتَوّجٌ مِن بَني المُلوكِ لَهُ

كَفٌّ تَكُفُّ الظُنونَ عَن تُهَمِه

وَهِمّةٌ في الزَمانِ ما اِشتَغَلَت

إِلّا بِصَوتِ الرئبالِ مِن قُحَمِه

يا مَلِكاً كُلُّ حِكمَةٍ نَطَقَت

بِها البَرايا تُعدُّ مِن حِكَمِه

كَم لَيلَةٍ بِتُّ لا أَذُوقُ كَرىً

حَتّى أَبَلَّ الأَليمُ مِن أَلمِه

حُبّاً قَسَمناهُ في القُلوبَ فَأَع

طَتني لُهاكَ الجَزيلَ مِن قِسَمِه

ما كُلُّ حُبٍّ يَموتُ صاحِبُهُ

وَهوَ مُبَقّىً عَلَيكَ في رِمَمِه

فَاسلم وَلا زِلتَ خالِداً أَبَداً

خُلودَ ما صاغَ فيكَ مِن كَلِمِه