أبى قلبه من لوعة الحب أن يخلو

أَبى قَلبُهُ مِن لَوعَةِ الحُبِّ أَن يَخلُو

فَلا تَعذِلُوا مَن لَيسَ يَردَعُهُ العَذلُ

وَلا تَطلُبُوا مِنّي مَدى الدَهرِ سَلوَةً

فَما يَرعوِي عَنكُم فُؤادي وَلا يَسلُو

ضَنِيتُ فَلَو أَنّي عَلى رَأسِ شَعرَةٍ

حُمِلتُ وَمالَت لا يَنُوءُ بِها الحَملُ

كَأَنَّ اللَيالي طالَبَتني لِقُربِكُم

بِتَبلٍ فَلَمّا بِنتُمُ ذَهَبَ التَبلُ

خَلِيليَّ ما لِلرَّبعِ يَخلُو وَلَيسَ لي

فُؤادٌ مِنَ التَبريحِ يَخلُو كَما يَخلُو

وَمالي إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ

مِنَ العَلَمِ النَجدِيِّ داخَلَني الخَبلُ

لَئِن كانَ جَهلاً ما بِقَلبي مَنَ الجَوى

فَمَن لِي بِقَلبٍ لا يُفارِقُهُ الجَهلُ

وَمَن لي بِوَصلٍ مِن أُمامَةَ بَعدَما

تَقَطَّعَ مِنها اليَأسُ أَن مُنِعَ الوَصل

أَيا قَلبُ كَم لا تَستَفيقُ مِنَ الجَوى

وَكَم أَنتَ ما يَخلو غَرامُكَ ما يَخلو

تَحِنُّ إِلى نُعمٍ وَجُملٍ كِلَيهِما

وَما أَنعَمَت نُعمٌ وَلا أَجمَلَت جُملُ

فَأُقسِمُ لَولا أَنتِ لَم يُخلَقِ الجَوى

وَلَولا أَبُو العُلوانِ ما خُلِقَ الفَضلُ

فَتىً أَتعَبَ البِيضَ الصَوارِمَ في العُلى

وَجَرَّبَ فيها ما يَمُرُّ وَما يَحلُو

فَلا تَحسَبُوا أَنَّ المَعالي رَخيصَةٌ

وَلا أَنَّ إِدراكَ العُلى هَيِّنٌ سَهلُ

فَما كُلُّ مَن يَسعى إِلى المَجدِ مُدرِكاً

وَلا كُلُّ مَن يَهوى العُلى نَفسُهُ تَعلُو

وَفوقَ سَريرِ المُلكِ مِن آلِ صالِحٍ

فَتىً مالَهُ عَن شُغلِهِ بِالعُلى شُغلُ

حَليمٌ إِذا وازَنتَ بِالهَضبِ عَقلَهُ

هَفا الهَضبُ مِن ميزانِهِ وَرَسا العَقلُ

لَهُ نَصلُ سَيفٍ يَقطَعُ الهامَ حَدُّهُ

وَأَقطَعُ مِنهُ حامِلُ النَصلِ لا النَصلُ

إِذا سَلَّهُ سَلَّ العَزيمَةَ قَبلَهُ

فَلَم يُدرَ أَيُّ الضارِبَينِ لَهُ الفِعلُ

فَتىً خَلقُهُ خُلقُ الغَمامِ فَعِندَهُ

لِطالِبِهِ إِمّا الوَبالُ أَوِ الوَبلُ

أَبا صالِحٍ حَمَّلتَني كُلَّ مِنَّةٍ

فَرِفقاً بِما تُسدي فَقَد أُثقِلَ الحِملُ

نَظمتُ لَكَ الدُرَّ الَّذي لَيسَ مِثلُهُ

وَأَنتَ الَّذي ما في المُلوكِ لَهُ مِثلُ

بَلَوتَ القَوافي عِندَ مَن لَو بَلَوتَهُ

بِغَيرِ القَوافي لابتَهَجن بِما تَبلُو

وَلَمّا تَخَيَّرتُ المَديحَ أَوِ الكَرى

حَلا في فَمي مِثلَ الرُقادِ الَّذي يَحلُو

وَكادَت قَوافي الشِعرِ لَمّا دَعَوتُها

إِلَيكَ تُوافي قَبلَ أَن وافَتِ الرُسلُ

لَكَ الفَضلُ لا لِلغَيثِ أَنَّكَ دائِمٌ

وَلا دامَ سَحٌّ لِلغُيوثِ وَلا هَطلُ

وَهَبتَ لِغالي الحَمدِ مالَكَ كُلَّهُ

كَأَنَّكَ لا يَغلو عَلَيكَ الَّذي يَغلُو

وَأَنتَ الَّذي لَولاكَ لَم يُعرَفِ النَدى

وَأَنتَ الَّذي لَولاكَ لَم يَظهَرِ العَدلُ