أي الملوك سعى فأدرك ذا المدى

أَيُّ المُلوكِ سَعى فَأَدرَكَ ذا المَدى

أَو حازَ ما حازَ المُعِزُّ مِنَ النَدى

قَصُروا وَطالَ وَجَوَّزوا هَدمَ العُلى

وَبَنى وَضَلّوا في المَكارِمِ وَاِهتَدى

كُلٌّ بِما صَنَعَ الأَوائِلُ يَقتَدي

وَبِجودِهِ لا بِالأَوائِلِ يُقتَدى

مازِلتَ تَفعَلُ كُلَّ فِعلٍ مُفرَدٍ

في المَجدِ حَتّى صِرتَ أَنتَ المُفرَدا

بَدَّدتَ مالَكَ غَيرَ مُحتَفِلٍ بِهِ

وَجَمَعتَ شَملاً لِلعَلاءِ مُبَدَّدا

وَلَقيتَ فيما قَد كَسِبتَ من العلا

تعبا فألقيت القوافي الشرّدا

وغدا بنو الآمال خلفك في الفلا

غَضَباً يُزَجونَ المَطِيَّ الوُخَّدا

قَد طَيَّبوا مِن طِيبِ ذِكرِكَ مَعلَماً

أَو مَخرِماً أَو سَبسَباً أَو فَدفَدا

يَقتادُهُم حُسن الرَجاءِ وَمَقصِدٌ

أَعنى إِلَيكَ الناجِعينَ القُصَّدا

حَتّى إِذا وَصَلوا إَلَيكَ وَعَقَّلوا

في جَوزَتيكَ الحائِماتِ الوُرَّدا

أَصدَرتَها بِهِمُ مُنَدَّبَةَ الذُرى

مِن ثِقلِ ما أَسدَيتَ ناقِعَةَ الصَدا

رَيّانَةً لَو أُبرِكَت في جَدجَدٍ

صَلدٍ لأَوجَلتِ المَكانَ الجَدجَدا

حَمَّلتَ مَن حَمَلَت إِلَيكَ صَنائِعاً

تُوهي الجِمالَ بَلِ الجِبالَ الرُكَّدا

وَمَحامِداً مَلَأَت مَسامِعَ ضارِبٍ

في الأَرضِ إِمّا مُتهِماً أَو مُنجِدا

يا مَن يُشَيِّدُ ما تَهَدَّمَ بِالقَنا

لا خَلقَ أَقدَرُ مِنكَ هدَّ وَشَيّدا

أَتعَبتَ نَفسَكَ في بِناءِ مَجالِسٍ

لَم تَبنِها حَتّى بَنَيتَ السُؤدُدا

وَمَلَأتَ أَكثرَ ما مَلأتَ أَساسَها

قِمَماً فَما احتاجَ الأَساسُ الجَلمَدا

وَجَلَستَ في دَستِ الخِلافَةِ جلسَةً

نَظَرَت إِلَيكَ بِها الكَواكِبُ حُسَّدا

في سَفحِ شاهِقَةِ البُروجِ كَأَنَّما

يَكسُو جَوانِبَها الرَبيعُ زَبَرجدَا

مَوصولَةٌ بِالجَوِّ تَحسَبُ ضوءَها

ساري الدُجُنَّةِ كَوكَباً أَو فَرقَدا

رَفَعَت مَشاعِلُها الدُخانَ فقنعت

وَجهَ السَماءِ بِهِ قِناعاً أَسوَدا

نَظَروا إِلى مَن فَوقَها في بُعدِهِ

وَإِلى عُلاكَ فَكُنتَ فيهِ الأَبعدَا

وَرَأَوكَ في صَدرِ الإِوانِ فَعايَنوا

نُوراً أَنارَ وَبَحرَ جُودٍ أَزبَدا

سارَت بِذا طُلَلُ الرِكابِ وَغَرَّقَت

أَمواجُ ذا بِالمَكرُماتِ الوُفَّدا

يا ساكِنَ القَصرِ المُجَدَّدِ لِلعُلى

يَهنيكَ إِنعامُ الإِمامِ مُجَدَّدا

قُبٌّ مِنَ الخَيلِ العِتاقِ ضَوامِرٌ

قِيدَت مُحَمَلَةً إِلَيكَ العَسجَدا

أَوهى مَناكِبَها الحُلِيُّ كَأَنَّما

يَمشي الجَوادُ بِما عَلَيهِ مُقَيَّدا

وَمَطارِدٌ لَمّا سَجَدتَ أَمامَها

كادَت تَخِرُّ لَكَ المَطارِدُ سُجَّدا

وَلَقَد نَزَلتَ وَما نَزَلتَ وَإِنَّما

ذاكَ النُزولُ مُحَقِّقٌ أَن تَصعَدا

وَلَبِستَ مِن حُلَلِ المَعَدِّ مَلابِساً

فَضَحَ النُضارُ بِها السَعيرَ المُوقَدا

وَشَبيهَةً بِالتاجِ حَلَّت مَوضِعاً

لِحُلولِ ما شَبِهَ الشَبيبَةَ مِقوَدا

مَنسوجَةً بِالتِبرِ خَصَّ بلِبسِها

مَن لَيسَ يَنفَدُ هَمُّهُ أَو يَنفَدا

جادَ الهُمامُ بِها لِأَكرَمِ مَن مَشى

فَوقَ التُرابِ مِنَ المُلوكِ وَأَجوَدا

وَرَآكَ ماضي الشَفرَتَينِ مُهَنَّداً

فَكَساكَ ماضي الشَفرَتَينِ مُهَنَّدا

وَلَكَ الفَضيلَةُ لا لِسَيفِكَ إِنَّني

لَأَراهُ أَحرى أَن يُذَمَّ وَتُحمَدا

إِنَّ الحُسامَ إِذا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ

أَصبَحتَ مَسلولاً وَأَصبَحَ مُغمَدا

تُحَفٌ تُشَرِّفُ مَن تَراهُ مُشَرَّفاً

وَحبىً تُسَوِّدُ مَن تَراهُ مُسَوَّدا

وَمَدائِحٌ ما زِيدَ مَمدوحٌ بِها

شَرَفاً عَلى الشَرَفِ الَّذي قَد وُطِّدا

إِنَّ الشَجاعَةَ في الشُجاعِ غَريزَةٌ

مِثلُ الأُسودِ غَنِيَّةُ أَن تُوسَدا

يا مَن غَدَوتُ مُقَيَّداً بِجَميلِهِ

يَفديكَ مَن قَيَّدتَهُ فَتَقَيَّدا

أَصبَحتُ مَحسوداً عَلَيكَ وَواجِبٌ

مَن كُنتَ أَنتَ نَصيبَهُ أَن يحسَدا

ما كُنتُ آثَمُ لَو عَبَدتُكَ مُنعِماً

إِن جازَ واهِبُ نِعمَةٍ أَن يُعبَدا

نَظَمَ اِمتِداحَكَ غَيرُ مَن هُوَ ناظِمٌ

وَأَجادَ فيكَ القَولَ مَن ما جَوَّدا

لا فَخرَ إِلّا حينَ تُصبِحُ سامِعاً

هَذا الثَناءَ وَحينَ أُصبِحُ مُنشِدا

إِن كُنتَ في شَرَفِ المَناقِبِ واحِداً

فَلَقَد أُقِمتُ لَها الخَطيبَ الأَوحَدا

في مَوقِفٍ كَالعِيدِ سَرَّ مُوالياً

لَكُمُ فَكانَ كَأَنَّهُ قَد عَيَّدا

عِش خالِداً عُمرَ المَديحِ فَإِنَّني

لَأَراهُ ما خَلَدَ الزَمانُ مُخَلَّدا

وَاسعَد بِما مَلَكَت يَداكَ ذَخيرَةً

دُنيا سَعادَةُ أَهلِها أَن تَسعَدا